Categories
Uncategorized

من أزمة إلى فرصة: كيف يمكن للأردن والشرق الأوسط تأمين مستقبل المياه؟

من أزمة إلى فرصة: كيف يمكن للأردن والشرق الأوسط تأمين مستقبل المياه؟

تخيّل أن تستيقظ صباحًا وتفتح الصنبور فلا تجد قطرة ماء. قد يبدو هذا المشهد خياليًا للبعض، لكنه واقع يومي لأكثر من 700 مليون شخص حول العالم، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث ندرة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة جعلا الماء مرادفًا للقلق والتحدي. ووفقًا للإحصائيات، يعاني 60% من سكان الشرق الأوسط من نقص المياه، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ نحو 35%.

إن الإجهاد المائي، ذلك التوازن المختل بين الطلب المتزايد على المياه والموارد المحدودة، لم يعد مجرد مصطلح علمي، بل أصبح أزمة وجودية تهدد حياة البشر والاقتصادات والنظم البيئية. ويعد الأردن نموذجًا صارخًا لهذه الأزمة، إذ تواجه المملكة تراجعًا خطيرًا في مواردها المائية، في وقت تستقبل فيه أعدادًا متزايدة من اللاجئين وتسعى لمواكبة النمو السكاني المتسارع.

في هذا المقال، نستكشف مفهوم الإجهاد المائي، وطرق قياسه، وأسبابه، وتأثيره في الشرق الأوسط، مع التركيز على الأردن كدراسة حالة. كما نسلط الضوء على أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة، ونناقش بعض الحلول المبتكرة التي قد تساهم في تخفيف حدة هذه الأزمة. فالماء، ذلك العنصر الذي نعتبره أحيانًا أمرًا مفروغًا منه، هو في الحقيقة شريان الحياة الذي لا غنى عنه.

الإجهاد المائي

يحدث الإجهاد المائي، أو ندرة المياه وشحها، عندما يتجاوز الطلب على المياه الصالحة للاستخدام في منطقة معينة الكمية المتاحة. وعلى صعيد الطلب، تُستهلك الغالبية العظمى من المياه العذبة عالميًا في الزراعة، حيث تمثل نحو 70% من إجمالي الاستخدام، بينما تذهب 19% إلى الاستخدامات الصناعية، و11% إلى الاستخدامات المنزلية، بما في ذلك مياه الشرب.

أما من حيث العرض، فتتوزع مصادر المياه بين المياه السطحية، مثل الأنهار والبحيرات والخزانات، والمياه الجوفية التي تُعد مصدرًا أساسيًا في العديد من المناطق.

ورغم وضوح المفهوم، يختلف العلماء في تعريف وقياس الإجهاد المائي، إذ يأخذون في الاعتبار عوامل متعددة، مثل التغيرات الموسمية، وجودة المياه، وإمكانية الوصول إليها. كما أن قياس الإجهاد المائي قد يكون غير دقيق، لا سيما عند التعامل مع المياه الجوفية، التي يصعب تقدير كمياتها المتاحة بدقة.

طرق قياس الإجهاد المائي

توجد عدة طرق عددية لتقدير ندرة المياه، من أبرزها “مؤشر فالكنمارك” أو “مؤشر إجهاد المياه”.  يعتمد هذا المؤشر على إجمالي موارد المياه العذبة المتاحة سنويًا للفرد في منطقة معينة. ووفقًا لهذا المقياس، إذا انخفضت حصة الفرد إلى أقل من 1700 متر مكعب سنويًا، فإن المنطقة تعاني من إجهاد مائي. أما إذا تراوحت الكمية بين 1000 و500 متر مكعب، فتُعتبر المنطقة تعاني من ندرة شديدة في المياه.

يُعد قياس الإجهاد المائي ضروريًا لفهم مخاطر المياه عالميًا، وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى إدراج المياه النظيفة والصرف الصحي ضمن أهداف التنمية المستدامة. إذ يركّز الهدف السادس تحديدًا على ندرة المياه، نظرًا لدور الموارد المائية في صحة الإنسان ورفاهيته.

عوامل قياس الإجهاد المائي

رغم أن قياس توافر المياه يبدو بسيطًا، إلا أنه في الواقع عملية معقدة تتطلب أخذ العديد من العوامل بعين الاعتبار، من أبرزها:

  1. كمية المياه المتاحة من مصادر متنوعة

وذلك يشمل المياه الجوفية والمياه السطحية مثل الأنهار والبحيرات. بالإضافة إلى المصادر الثانوية والمتجددة، مثل الخزانات، وإعادة تدوير المياه، ومحطات تحلية المياه.

  1. الإضافة والحذف في موارد المياه

يشمل ذلك عمليات استخراج المياه من المصادر الطبيعية لاستخدامها في الشرب والري والصناعة. ويتطلب ذلك تخصيص حقوق مائية عادلة ومتوازنة للحفاظ على الاستدامة.

  1. متطلبات التدفق البيئي (EFR)

تتعلق بكمية المياه اللازمة للحفاظ على التوازن البيئي، وضمان استدامة النظم البيئية في الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة. وتهدف إلى حماية الحياة البرية والموارد المائية لاستخدامات الإنسان الترفيهية والاقتصادية.

  1. جودة المياه وإمكانية الوصول إليها

لا تقتصر المشكلة على كمية المياه فحسب، بل تشمل أيضًا نوعيتها ومدى سهولة الحصول عليها. فقد تكون المياه المتاحة مالحة أو ملوثة أو تقع في أعماق يصعب استخراجها.

  1. كفاءة استخدام المياه

إن تحسين كفاءة استخدام المياه يسهم في تقليل الاستهلاك وضمان الاستدامة. وتساعد التقنيات الحديثة، مثل أجهزة التحكم في الري القائمة على الطقس ومحددات تدفق المياه في رؤوس الدش، في تقليل الهدر وزيادة فعالية استخدام الموارد المائية.

أسباب الإجهاد المائي في منطقة الشرق الأوسط

تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر مناطق العالم تعرضًا للإجهاد المائي، حيث تستهلك العديد من دولها كامل إمداداتها المائية المتاحة تقريبًا. وتعتمد دول المنطقة على مصادر مائية متنوعة؛ فبعضها يستفيد من الأنهار الكبرى مثل النيل ودجلة والفرات، بينما تعتمد دول أخرى بشكل رئيسي على المياه الجوفية أو تحلية المياه. ومع ذلك، تتفاقم أزمة المياه في المنطقة نتيجة تداخل عوامل طبيعية وبشرية معقدة، من أبرزها:

1. العوامل الجغرافية والمناخية

تلعب الطبيعة الجغرافية والمناخية دورًا حاسمًا في ندرة المياه بالشرق الأوسط، إذ تقع معظم دول المنطقة ضمن نطاق المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث تقل معدلات هطول الأمطار وترتفع معدلات التبخر. كما تغطي الصحاري مساحات شاسعة، مما يُحدّ من توفر الموارد المائية الطبيعية، خاصة مع تراجع معدلات تجدد المياه السطحية والجوفية.

2. النمو السكاني المتسارع

يُشكل الانفجار السكاني ضغطًا هائلًا على الموارد المائية المحدودة. فمع تزايد عدد السكان، يزداد الطلب على المياه للاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية، مما يوسع الفجوة بين العرض والطلب. فخلال العقود الأخيرة، تضاعف عدد سكان الشرق الأوسط، مما جعلها واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وهو ما يزيد من استنزاف الموارد المائية.

3. محدودية موارد المياه العذبة

تعاني المنطقة من نقص في الأنهار والبحيرات العذبة، وتعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية، التي تتعرض للاستنزاف نتيجة الضخ الجائر وعدم تعويضها بمعدلات طبيعية. كما أن قلة الموارد المائية المتجددة تزيد من هشاشة الأمن المائي، خاصة مع ارتفاع معدل استهلاك الفرد مقارنة بقدرة الأنظمة البيئية على إعادة تغذية المياه الجوفية.

4. التوسع العمراني والصناعي

أدى التوسع العمراني السريع ونمو القطاعات الصناعية إلى زيادة استهلاك المياه بشكل كبير. وتُعتبر الزراعة من أكثر القطاعات استهلاكًا للمياه، حيث تستهلك ما يصل إلى 80% من الموارد المائية في بعض الدول. ويؤدي هذا النمو غير المدروس، إلى جانب ضعف سياسات إدارة المياه، إلى تفاقم الأزمة المائية في المنطقة.

5. تغير المناخ

يُعد تغير المناخ عاملًا أساسيًا في تفاقم الإجهاد المائي، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة معدلات التبخر وانخفاض هطول الأمطار، مما يساهم في تراجع تدفق الأنهار ونضوب الخزانات الجوفية. كما أصبحت المنطقة أكثر عرضة لموجات الجفاف المتكررة، وهو ما يهدد الأمن المائي والغذائي، خاصة في ظل غياب بنية تحتية قادرة على التعامل مع هذه التغيرات المناخية.

6. سوء إدارة الموارد المائية والنزاعات الإقليمية

تُعتبر الإدارة غير الفعّالة للموارد المائية من أكبر التحديات التي تواجه دول الشرق الأوسط، حيث يتم فقدان كميات كبيرة من المياه وذلك عوامل جمة كأنظمة الري التقليدية وغير الفعالة، التي تهدر المياه بكميات ضخمة. وتسرب المياه من الشبكات القديمة، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان نسبة كبيرة من المياه قبل وصولها للمستهلكين. وكذلك غياب استراتيجيات واضحة لترشيد الاستهلاك، مما يفاقم مشكلة الندرة المائية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النزاعات على المياه العابرة للحدود تسببت في توتر العلاقات بين الدول التي تتشارك في الأنهار الرئيسية، مثل نهر النيل ودجلة والفرات، مما زاد من تعقيد الأزمة المائية في المنطقة.

الأردن: دراسة حالة للإجهاد المائي

تُعتبر الأردن واحدة من أكثر دول العالم فقرًا بالموارد المائية، حيث تُصنف بين الدول الأربع الأكثر شحًا في المياه على مستوى العالم. اليوم، يعيش الأردن تحت خط الفقر المائي، حيث يقل نصيب الفرد من المياه عن 100 متر مكعب سنويًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى العالمي لعتبة الندرة المائية الشديدة التي يُقدر بـ 500 متر مكعب. ومن المتوقع أن ترتفع مستويات الإجهاد المائي بمعدل سنوي متوسط ​​يتراوح بين 1% و1.5% حتى عام 2100، مما يجعل أكثر من 90% من الأسر ذات الدخل المنخفض في الأردن عرضة لخطر حرج من نقص المياه.

التحديات الرئيسية لأزمة المياه في الأردن

تعود أزمة المياه في الأردن إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها الاعتماد الكبير على مصادر مائية محدودة مثل نهر الأردن والمياه الجوفية، التي يتم استنزافها بمعدل يفوق معدل تجددها الطبيعي. إضافةً إلى ذلك، يؤدي التزايد السريع في عدد السكان، لا سيما مع تدفق اللاجئين السوريين، إلى زيادة الضغط على البنية التحتية والموارد المائية المحدودة، مما يفاقم العجز المائي.

ومن العوامل المؤثرة أيضاً التغير المناخي وانخفاض معدل هطول الأمطار، حيث يواجه الأردن انخفاضًا مستمرًا في معدلات الهطول المطري، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع مصادر المياه السطحية والجوفية وزيادة الاعتماد على المصادر غير التقليدية. ولا يقل عن ذلك أهميةً عامل البنية التحتية القديمة، فالأنابيب التالفة والمتهالكة تزيد من معدل التسريب وفقد المياه بنسبة تصل إلى 50% قبل وصولها إلى المستهلكين.

بالإضافة إلى ما سبق، يمثل عدم كفاية التعاون الإقليمي حول الموارد المائية المشتركة تحديًا بارزًا لقطاع المياه في الأردن. فالمملكة الأردنية تحصل على 40% من مياهها من مصادر عابرة للحدود، مثل نهر اليرموك وبحيرة طبريا، لكنها تواجه صعوبات في تأمين حقوقها المائية بسبب التوترات السياسية وضعف تنفيذ الاتفاقيات المائية.

كما أن التوسع الحضري والاقتصادي، بالتزامن مع نمو القطاعين الصناعي والزراعي، يزيد من الطلب على المياه، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة ندرتها. وفضلاً عن ذلك، فإن ضعف كفاءة استخدام المياه في الزراعة يزيد الأزمة حدةً، فالقطاع الزراعي يستهلك أكثر من 50% من الموارد المائية في الأردن، وعلى الرغم من جهود تحسين كفاءة الري، لا تزال الممارسات الزراعية تستهلك كميات كبيرة من المياه مقارنةً بعائدها الاقتصادي.

الجهود الحكومية لمواجهة تحديات الإجهاد المائي في الأردن

تبذل الحكومة الأردنية جهودًا كبيرة لمواجهة تحديات الإجهاد المائي وتخفيف حدته. من أبرز هذه الجهود مشروع تحلية مياه البحر الأحمر، الذي يهدف إلى توفير مصدر مستدام للمياه من خلال تحلية مياه البحر وتوزيعها على المناطق الأكثر احتياجًا. ويمكن تفصيل مشاريع التحلية على النحو التالي:

  • مشروع ناقل البحرين (البحر الأحمر – البحر الميت): كان يُعد أحد أكبر المشاريع الإقليمية المقترحة لتحلية المياه، حيث كان يهدف إلى تحلية مياه البحر الأحمر ونقل جزء منها إلى البحر الميت للمساعدة في وقف تراجعه البيئي، لكن المشروع أُلغي لاحقًا بسبب تحديات سياسية وفنية.
  • مشروع الناقل الوطني للمياه: يُعد من أكبر المشاريع الاستراتيجية في الأردن، ويهدف إلى تحلية مياه البحر الأحمر في العقبة وضخها إلى مختلف أنحاء المملكة عبر أنابيب ناقلة. ومن المتوقع أن يوفر 300 مليون متر مكعب من المياه سنويًا عند اكتماله.
  • اتفاقية المياه مع الأراضي المحتلة والإمارات: تتضمن إنشاء محطة لتحلية المياه على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الأراضي المحتلة، يتم من خلالها تزويد الأردن بنحو 200 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، مقابل تزويد الأراضي المحتلة بـ 600 ميجاواط من الطاقة الكهربائية المولدة من محطات شمسية في الأردن.
  • مشاريع تحلية صغيرة ومتوسطة: يعمل الأردن على مشاريع تحلية صغيرة ومتوسطة في مدينة العقبة لتوفير المياه الصالحة للشرب للسكان المحليين وتقليل الاعتماد على الموارد الجوفية.

إضافةً إلى ذلك، تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية، حيث يتم استثمار موارد كبيرة في تحديث شبكات توزيع المياه والحد من الفاقد المائي الناتج عن التسربات والسرقات. كما تسعى الحكومة إلى تحسين أنظمة المراقبة والصيانة لشبكات المياه وتقليل الخسائر الفنية والإدارية.

وبالتوازي مع ذلك، تعزز الحكومة سياسات ترشيد الاستهلاك، مثل تطبيق أنظمة الري الحديثة في الزراعة وتشجيع المواطنين على تبني ممارسات أكثر استدامة في استخدام المياه. وتشمل هذه السياسات أيضًا إدارة الطلب على المياه، بما في ذلك إعادة هيكلة التعرفة المائية لزيادة الكفاءة وتقليل الاستخدام غير المستدام، فضلاً عن دعم الزراعة الذكية مائيًا وتشجيع المزارعين على التحول إلى محاصيل أقل استهلاكًا للمياه.

ويُعد التعاون الإقليمي أحد الركائز الأساسية لاستراتيجية الأردن المائية. فالأردن يعتمد على اتفاقيات لتقاسم المياه، مثل اتفاقيات السلام مع الأراضي المحتلة، التي وضعت إطارًا لتقاسم المياه بين الدولتين، مما ساعد على تحسين إدارة الموارد المائية المشتركة وتحسين تزويد الأردن بالمياه من بحيرة طبريا. بالإضافة إلى ذلك، يبذل الأردن جهودًا حثيثة لتعزيز التعاون مع الدول المجاورة لضمان استدامة الموارد المائية المشتركة، مثل نهر اليرموك.

وفي سياق متصل، تعمل الحكومة على إدارة واستغلال الموارد غير التقليدية، مثل معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، حيث تمثل حاليًا حوالي 14% من إجمالي مصادر المياه في الأردن، مع وجود خطط لتوسيع هذا المجال. ويتم استخدام هذه المياه المعالجة بشكل أساسي في القطاع الزراعي، مما يخفف الضغط على المياه العذبة المخصصة للشرب والاستخدامات المنزلية. وكذلك يجري التوسع في حصاد مياه الأمطار من خلال إنشاء خزانات وسدود صغيرة لتجميع مياه الأمطار والاستفادة منها في الري والشرب في المناطق الريفية، مما يسهم في تخفيف الضغط على المياه الجوفية، خاصة في ظل التراجع المستمر في معدلات الهطول المطري. كما تعمل الحكومة على تعزيز استخدام المياه الرمادية (المياه الناتجة عن المغاسل والاستحمام) في ري الحدائق والاستخدامات غير الصالحة للشرب، ويتم الترويج لهذا النهج من خلال تعديلات على قوانين البناء لإلزام المباني الجديدة بتركيب أنظمة إعادة تدوير المياه الرمادية في القطاعات المختلفة.

وأخيرًا، تحصل الحكومة على دعم مالي واستثماري من الجهات الدولية، مثل البنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والأمم المتحدة، لتنفيذ مشاريع تحسين البنية التحتية المائية، ومن ذلك اتفاقية بناء خط أنابيب لنقل المياه من الأراضي المحتلة إلى الأردن بتمويل من USAID. بالإضافة إلى ذلك، تبنت الحكومة الخطة الوطنية للزراعة المستدامة 2022-2025 لتحفيز الاستثمارات في مجال تحسين إدارة الموارد المائية في الزراعة.

حلول وتوصيات لمواجهة الإجهاد المائي في الأردن

يُعد الإجهاد المائي من أبرز التحديات البيئية التي تواجه العديد من الدول، مما يستدعي اتخاذ حلول مستدامة لضمان توافر المياه للأجيال القادمة. ومن بين أبرز الحلول المقترحة تحسين إدارة الموارد المائية عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة، فاستخدام أنظمة رقمية ذكية لمراقبة استهلاك وتسرب المياه وكفاءة التوزيع يمكن أن يقلل الفاقد المائي الذي يصل إلى 50% في بعض المناطق.

كما يُعد الاستثمار في تحلية المياه خيارًا استراتيجيًا، حيث تسهم محطات التحلية في زيادة إمدادات المياه، وستوفر مصادر مائية جديدة تقلل الاعتماد على المياه الجوفية المستنزفة. ونظرًا لأن تحلية المياه تعتبر من القطاعات المستهلكة للطاقة، يُنصح بالاعتماد على الطاقة النظيفة (الشمسية وطاقة الرياح) في تأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لعمليات التحلية.

إلى جانب ذلك، تلعب إعادة استخدام المياه المعالجة دورًا مهمًا في تقليل الضغط على المصادر الطبيعية، إذ يمكن توظيف المياه العادمة المعالجة في الري والزراعة والصناعة، مما يعزز الاستدامة. كما يمكن الاعتماد على الزراعة الذكية من خلال تطوير تقنيات ري حديثة، مثل الري بالتنقيط واستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، الأمر الذي يساعد على تقليل الفاقد المائي وتحسين كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي.

ولا يمكن إغفال أهمية التوعية المجتمعية في تعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك وتعزيز ثقافة الاستخدام المستدام من خلال حملات توعوية ومبادرات تعليمية تشجع الأفراد على تبني سلوكيات مسؤولة تجاه المياه.

وعلى نطاق أوسع، يُعد التعاون الإقليمي بين الدول المتجاورة أمرًا حيويًا لضمان الإدارة العادلة والمستدامة للموارد المائية المشتركة، وذلك من خلال تبادل الخبرات ووضع سياسات تعاونية تدعم الأمن المائي للجميع.

مستقبل المياه في الشرق الأوسط: بين التحديات والفرص

يواجه الشرق الأوسط تحديات مائية غير مسبوقة نتيجة ندرة الموارد الطبيعية، والتغير المناخي، والنمو السكاني السريع. ووفقًا لتقرير صادر عن اليونيسف، تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) من مستويات إجهاد مائي عالية، حيث تمتلك 1.4% فقط من المياه العذبة المتجددة عالميًا، رغم أنها تضم 6.3% من سكان العالم. هذه الأزمة ليست مجرد تحدٍ مؤقت، بل هي مشكلة مستمرة تؤثر بشكل مباشر على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مما يستدعي حلولًا مستدامة وإجراءات متكاملة لمواجهتها.

تلعب الحكومات والمجتمعات دورًا محوريًا في الحد من هذه الأزمة من خلال تبنّي استراتيجيات شاملة، تشمل تحسين البنية التحتية للمياه، وزيادة كفاءة أنظمة الري، وتعزيز إعادة استخدام المياه المعالجة. إضافةً إلى ذلك، يُعد التعاون الإقليمي أمرًا ضروريًا لضمان الإدارة المشتركة لمصادر المياه العابرة للحدود وتحقيق استدامة مائية طويلة الأمد.

ورغم هذه التحديات، يبرز الأمل في مستقبل المياه بالشرق الأوسط بفضل الابتكار التكنولوجي والاستثمار في تقنيات تحلية المياه وإدارة الموارد بكفاءة أكبر. إذ يمكن للحلول التقنية، مثل أنظمة الري الذكي وتحسين تقنيات معالجة المياه، أن تخفف الضغط على الموارد الحالية وتضمن توفر المياه للأجيال القادمة.

تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…

نتمنى لكم يوماً مشمساً!

image created by AI

The post من أزمة إلى فرصة: كيف يمكن للأردن والشرق الأوسط تأمين مستقبل المياه؟ appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by بسمه عبود