مصير مشروعات الغاز المسال في المكسيك معلق بـ3 تحديات (تحليل)
تواجه مشروعات الغاز المسال في المكسيك تحديات مصيرية في ظل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أشعل فتيل حروب تجارية إقليمية وعالمية في أول أسابيع ولايته الجديدة، فضلًا عن المخاوف بشأن الطلب والتأثير البيئي.
ودخلت المكسيك سوق تصدير الغاز المسال العالمية لأول مرة في تاريخها خلال العام الماضي، حيث نجحت في تصدير أول شحنة من مشروع “ألتاميرا” في سبتمبر/أيلول 2024.
واستبشرت مشروعات الغاز المسال في المكسيك بانطلاق هذه الشحنة إلى أوروبا، لكن حروب التعرفات الجمركية التي أشعلها الرئيس ترمب مع دول الجوار والعالم، أربكت حسابات الصناعة ونشرت حالة من الذعر وعدم اليقين، بحسب تحليل حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتبني المكسيك محطتين أُخريين للغاز المسال، إحداهما تقع على الساحل الشرقي للمكسيك، وتحمل اسم فاست لاكاش (Fast LNG Lakach)، والثانية على الساحل الغربي، وتحمل اسم إنرجيا كوستا أزول (Energia Costa Azul).
وتعتمد مشروعات الغاز المسال في المكسيك بصورة أساسية على إسالة الغاز الطبيعي الأميركي منخفض التكلفة، الذي تستورده البلاد عبر خطوط الأنابيب الواصلة بين البلدين.
ترمب ومشروعات الغاز المسال في المكسيك
تستهدف مشروعات الغاز المسال في المكسيك التوسع في التصدير إلى أسواق أوروبا وجنوب شرق آسيا، لكن اعتمادها على الغاز الطبيعي المنتَج في الولايات المتحدة أصبح مهددًا في ظل الإدارة الجديدة، التي أثارت توترات تجارية وسياسية مع دولتَي الجوار كندا والمكسيك.
وفرض ترمب، أوائل فبراير/شباط 2025، رسومًا جمركية بنسبة 25% على السلع الواردة من المكسيك، والواردات غير المتعلقة بالطاقة من كندا، قبل أن يُقرر تأجيلها لمدة شهر للتفاوض النهائي مع البلدين.
كما أعلن ترمب تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا، وتعهَّد بإغلاق الحدود الجنوبية مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية، وترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم.

وتتفاوض الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، مع إدارة ترمب -حاليًا- لتجنُّب تفاقم التوترات التجارية والسياسية بين البلدين، خاصة بعد إعلانها الموافقة على زيادة تأمين الحدود الشمالية مع أميركا لمنع الهجرة.
وتتزايد المخاوف من احتمالات لجوء ترمب إلى التضييق أو خنق مشروعات الغاز المسال في المكسيك، إذا لم تستجب حكومتها لمطالبه، إذ تحتاج هذه المشروعات إلى الحصول على موافقات من وزارة الطاقة الأميركية، بحسب التحليل المنشور على موقع ديالوغ إرث المتخصص (Dialogue Earth).
وتربط الولايات المتحدة بالمكسيك علاقة طويلة الأمد في قطاع الغاز، إذ تستورد المكسيك أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز الأميركي عبر خطوط أنابيب من ولايات تكساس وأريزونا ونيو مكسيكو إلى المكسيك.
ويراهن المستثمرون الأميركيون على التوسع في استعمال هذه الشبكة لإسالة الغاز الأميركي في محطات المكسيك، واستعمال المواني المكسيكية التي يمكن أن تُقصّر طرق الشحن إلى الأسواق الخارجية في أوروبا وآسيا.
ورغم ذلك، فإن مشروعات الغاز المسال في المكسيك ما زالت مشروطة بالحصول على تصاريح من وزارة الطاقة الأميركية لإعادة تصدير الغاز الأميركي إلى البلدان التي لا تربطها بالولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة (تضم دول الاتحاد الأوروبي وجميع الدول الآسيوية تقريبًا).
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد أوقفت هذه التصاريح في يناير/كانون الثاني 2024، في إطار مراجعات لتأثيراتها المناخية؛ ما أثار معارك قضائية ضد القرار في المحاكم الأميركية.
ورغم تفاؤل الفاعلين في الصناعة بالبلدين بقرارات رفع الحظر عن التصاريح التي اتخذها ترمب في أول أيام ولايته، فإن حروبه التجارية والسياسية التي بدأها مع دول الجوار أعادت المخاوف إلى الصناعة من باب آخر.
التحديات البيئية لمشروعات الغاز المسال
تواجه مشروعات الغاز المسال في المكسيك تحديات أخرى تثيرها المنظمات البيئية التي تشكك في تصنيف الغاز المسال وقودًا انتقاليًا منخفض الكربون، في إطار مناهضتها لكل مصادر الوقود الأحفوري.
وتخشى 30 منظمة بيئية ضمن تحالف مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية العالمية (مقرّه الولايات المتحدة) من التأثيرات المحتملة لتسرب غاز الميثان من مشروعات الغاز المسال في المكسيك، في أثناء عمليات التسييل والنقل وإعادة التغويز.

كما تثير هذه المنظمات مسألة تصدير الانبعاثات من الولايات المتحدة إلى دول أخرى، مثل المكسيك، عبر المشاركة في مشروعاتها لإنتاج الغاز المسال وتصديره.
ورغم ذلك، فإن بعض المؤيدين يرون أن استعمال المواني المكسيكية في تصدير الغاز المسال سيقلل من انبعاثات الشحن مقارنة بالطرق البحرية الأخرى.
طلب أوروبا على الغاز المسال غير مضمون
إضافة إلى تلك التحديات، تُحذِّر بعض المنظمات البحثية، مثل معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، من حدوث فقاعة بسوق الغاز المسال العالمية بحلول عام 2026؛ ما يثير شكوكًا اقتصادية حول التوسع في مشروعات الغاز المسال في المكسيك والولايات المتحدة.
ويعزز من هذه المخاوف تمسُّك أوروبا بمسار تحول الطاقة على المدى المتوسط والطويل؛ ما قد يجعل التعويل على أسواقها لاستقبال الغاز المسال الأميركي والمكسيكي محل مخاطرة.
وانخفضت واردات أوروبا من الغاز المسال بنسبة 19% إلى 135.15 مليار متر مكعب في عام 2024، مقارنة بنحو 166.98 مليار متر مكعب في عام 2023.
وجاء ذلك مع انخفاض استهلاك الغاز في القارة إلى 450 مليار متر مكعب في عام 2024، وهو أدنى مستوياته منذ 11 عامًا، بحسب بيانات حديثة صادرة عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، الذي توقَّع استمرار الهبوط إلى 414.4 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
كما يُتوقع انخفاض واردات أوروبا من الغاز المسال إلى 127.21 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
موضوعات متعلقة..
- صادرات أميركا الشمالية من الغاز المسال تترقب تحولات ضخمة بحلول 2027 (تقرير)
- حساب انبعاثات الغاز الطبيعي المسال.. معضلة تربك الباحثين وصناع القرار (تقرير)
- ما علاقة ترمب برفض المصافي الأميركية للنفط المكسيكي؟ أنس الحجي يجيب
اقرأ أيضًا..
- فيرتيغلوب الإماراتية: دولة عربية يمكنها تصدير الهيدروجين في أنابيب الغاز
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في 2024 ترتفع لمستوى قياسي
- آبار النفط والغاز في 2025.. اكتشافان مهمان في مصر و4 دول عربية بالقائمة
- السعودية توقّع أكبر عقود بطاريات تخزين الكهرباء في العالم
المصادر:
- تحليل تحديات مشروعات الغاز المسال في المكسيك من ديالوغ إرث.
- توقعات انخفاض واردات أوروبا من الغاز المسال من معهد اقتصادات الطاقة.
إقرأ: مصير مشروعات الغاز المسال في المكسيك معلق بـ3 تحديات (تحليل) على منصة الطاقة