Categories
Uncategorized

دور المدن الذكية في خفض الانبعاثات الكربونية.. “مصدر” الإماراتية نموذجًا

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، تبرز المدن الذكية بصفتها أحد الحلول المستدامة لمواجهة ارتفاع الانبعاثات الكربونية الناتجة عن التمدّن المتزايد والأنشطة البشرية الكثيفة في الحضر.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن المدن حول العالم مسؤولة عن أكثر من 70% من انبعاثات غازات الدفيئة، نتيجة الاستعمالات المرتبطة بالطاقة والتدفئة والنقل والتوسع العمراني.

ومع استمرار تزايد عدد السكان في المناطق الحضرية، سلّطت دراسة حديثة -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)-  الضوء على زيادة الحاجة إلى اعتماد حلول مبتكرة لخفض الانبعاثات وتحسين جودة الحياة.

وعرَّفت الدراسة -التي قامت بها أستاذة جغرافية العمران والتخطيط ورئيسة قسم الجغرافية السابقة في كلية البنات بجامعة عين شمس الدكتورة فيروز حسن- المدن الذكية بأنها مدن تعتمد على تقنيات رقمية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة لتحسين إدارة الموارد والخدمات. 

تحقيق الاستدامة البيئية

يهدف هذا النموذج الحضري إلى خفض الاستهلاك، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتوفير مستوى معيشة أفضل للسكان، وتشمل أبعاد المدن الذكية -وفقًا للدراسة- مجالات متعددة، من أهمها:

  • البيئة الذكية: إدارة فعّالة للنفايات والمياه، وتوفير مساحات خضراء.
  • النقل الذكي: أنظمة مرورية مرنة ومستدامة لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة.
  • الطاقة الذكية: اعتماد متزايد على مصادر متجددة، مثل الشمس والرياح.
  • الحوكمة الذكية: تقديم الخدمات الحكومية إلكترونيًا لتحقيق الكفاءة والشفافية.
  • الاقتصاد الذكي: تحفيز الابتكار والتكنولوجيا النظيفة والريادة. 

نموذج المدن منخفضة الكربون 

تُعدّ مدينة مصدر في الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز النماذج العالمية لنوع المدن الذكية المستدامة.

وقد تأسست المدينة برؤية واضحة نحو بيئة حضرية منخفضة الانبعاثات تعتمد على الطاقة النظيفة والتقنيات البيئية المتقدمة.

المدن الذكية
مدينة مصدر بالإمارات (الصورة من الموقع الرسمي للمدينة)

وتضم مدينة مصدر أكبر محطة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، وتغطي الألواح الشمسية فوق الأسطح نحو 40% من احتياجات المدينة. 

كما تنتج المدينة نحو 20 ميغاواط من طاقة الرياح ليلًا، ما يقلل اعتمادها على الوقود الأحفوري. 

وفيما يتعلق بالنقل، تعتمد المدينة على وسائل نقل صديقة للبيئة، ومنظومة تنقُّل ذكية تقلل زمن الرحلة والانبعاثات المصاحبة لها.

إدارة الموارد والنفايات بكفاءة

لفتت الدراسة -كذلك- إلى أن مدينة مصدر تتميز  بأنظمة متقدمة لإدارة المياه، تشمل محطة لتحلية المياه بالطاقة الشمسية، وأنظمة إعادة تدوير تتيح استرجاع 100% من المياه المستعملة. 

كما تحوّل المدينة 300 ألف طن من النفايات سنويًا إلى كهرباء وأسطوانات غاز، وتدوير المواد البيولوجية إلى سماد عضوي، مما يسهم بفعالية في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاكتفاء البيئي. 

وتعتمد مباني مصدر على تصميمات هندسية ذكية توفر التهوية الطبيعية، والإضاءة من مصادر طبيعية، وإمكان التحكم الآلي بالمكونات الداخلية، إلى جانب استعمال الطاقة الشمسية بمثابة مصدر رئيس للكهرباء.

أهمية شهادات الكربون  

يشير خبراء التخطيط الحضري إلى أهمية ربط تخطيط المدن الذكية بمعايير إصدار شهادات الكربون، ما يحفّز المدن على تقليل بصمتها الكربونية من خلال الابتكار في مجالات النقل والطاقة والبنية التحتية. 

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن تطبيق الحلول الذكية يمكن أن يقلل من الانبعاثات بنسبة تصل إلى 30% على المدى البعيد، كما تَحقَّق في مدينة كوبنهاغن التي خفضت انبعاثاتها بنسبة 42% منذ 2005. 

وأكدت الدراسة أن التحول نحو المدن الذكية لم يعد خيارًا، بل ضرورة لمواجهة تحديات التغير المناخي.

شهادات الكربون

وأشارت إلى أن مدينة مصدر تمثّل نموذجًا ملهمًا لما يمكن أن تفعله التكنولوجيا والتخطيط الحضري الذكي للحدّ من الانبعاثات الكربونية، وتحقيق استدامة بيئية واقتصادية. 

ولفتت إلى أن التحول نحو المدن الذكية يتطلب تضافر الجهود الدولية، والاستثمار في التكنولوجيا، وتغيير سياسات التخطيط نحو بنية مرنة تستجيب باستمرار للتغيرات المناخية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إقرأ: دور المدن الذكية في خفض الانبعاثات الكربونية.. “مصدر” الإماراتية نموذجًا على منصة الطاقة