خلايا البيروفسكايت الشمسية: تطور سريع وتحديات مستمرة
يتزايد الطلب على الطاقة بسرعة كبيرة يوماً بعد يوم بسبب النمو الاقتصادي العالمي. مما دفع العلماء والباحثين إلى تطوير وسائل خضراء لإنتاج طاقة نظيفة ونخص بالذكر الألواح الشمسية. فقد عمل الباحثون على تطوير تقنيات الخلايا الكهروضوئية لرفع كفاءة الألواح الموجودة حالياً أو البحث عن تقنيات جديدة لتخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة التنافسية للألواح الشمسية والكهرباء المنتجة منها بشكل عام. بدأت رحلة البحث والطوير منذ عام 1954، وتمكنوا من تم تطوير أنواع مختلفة من تقنيات الطاقة الكهروضوئية، مثل خلايا السيليكون البلوري، خلايا الأغشية الرقيقة من سيلينيد النحاس والإنديوم والجاليوم (CIGS) الخلايا الكهروضوئية العضوية (OPV) وخلايا البيروفسكايت الشمسية التي حصلت مؤخراً على اهتمام كبير باعتبارها واحدة من أحدث تقنيات الطاقة الكهروضوئية الواعدة من حيث التكلفة وذلك بسبب تقدمها الهائل في كفاءة تحويل الطاقة (PCE) التي تحققت من خلال عملية تصنيع منخفضة التكلفة والبسيطة.
في مقالنا هذا سنستعرض أحدث الأبحاث المتعلقة بخلايا البيروفسكايت الشمسية ولكن في البداية لنتعرف ما هي خلية البيروفسكايت الشمسية؟
الخلية الشمسية من البيروفسكايت هي نوع من الخلايا الشمسية تستخدم مركب البيروفسكايت كممتص للضوء. وأما عن البيروفسكايت فهو أوكسيد الكالسيوم تيتانيوم وصيغته الكيميائية (CaTiO3) وقد تم اكتشافه لأول مرة من قبل علماء روس في جبال أوراس الروسية.
يمكن تصنيع هذا المركب مخبرياً بصيغة عامة (ABX3) حيث A وB أيونان موجبان بأقطار ذرية مختلفة (A أكبر من B) في حين أن X هو الأيون السالب من الهاليدات (المركبات الحاوية على فلور أو بروم أو كلور أو يود أو أساستين) أو الأكاسيد ويربط بين المركبين السابقين.
لمعرفة كيف يتم تصنيع خلايا البيروفسكايت يمكنكم قراءة هذا المقال
خلية شمسية مرنة من البيروفسكايت تعتمد على الكربون متعدد الذرات تحقق كفاءة بنسبة 13%
عرضت مجموعة بحثية دولية طريقة لتصنيع خلايا شمسية من البيروفسكايت تعتمد على الكربون متعدد الذرات (Polycarbonate) متوافقة مع عمليات الإنتاج الصناعي لأجهزة الطاقة الكهروضوئية المرنة. فقد تم تطوير خلية شمسية من البيروفسكايت تعتمد على أغشية الكربون متعدد الذرات بكفاءة تحويل طاقة تبلغ 13% من خلال تطوير طبقة مقاومة للمذيبات
وقد اشارت الاختبارات إلى أنه قد تم الاحتفاظ بـ 87% من الكفاءة بعد 1000 دورة ثني بنصف قطر 20 مم وأما عن اختبارات التخزين المظلم (ISOS-D-1) والاستقرار الحراري (ISOS-T-1) فقد بلغت 1886 ساعة و144 ساعة على التوالي.
تم تصنيع خلية البيروفسكايت الشمسية على النحو التالي: أساس (ركيزة) مصنوع من الكربون متعدد الذرات (PC) وأكسيد القصدير الإنديوم (ITO) وطبقة نقل الإلكترونات من أكسيد القصدير (SnO2) وطبقة البيروفسكايت وطبقة نقل الثقوب والذهب (Au) والذي يشكل القطب الموجب للخلية. كما وقد تم تحسين طبقة (ITO) من خلال التحكم في النفاذية ومقاومة الصفائح وخشونة السطح وجميع الطبقات، باستثناء القطبين، والتي تمت معالجتها بالمحلول في درجات حرارة منخفضة أقل من 100 درجة مئوية. يظهر في الشكل أدناه مخطط لهيكل خلية شمسية تعتمد على ركيزة كربون متعدد الذرات ومطلية بأكسيد القصدير والإنديوم وفي الشكل الآخر أربع خلايا شمسية من البيروفسكايت تم تصنيعها على فيلم كربون متعدد الذرات.
يظهر الشكل أدناه غشاء رقيق من الكربون متعدد الذرات
تتفوق الكربون متعدد الذرات على الركائز المرنة الأخرى مثل البولي إيثيلين تيرفثالات (PET) والبولي إيثيلين نفتالات (PEN) وذلك بسبب درجة حرارة انتقاله الزجاجية العالية نسبياً، وانتصاصه المنخفض للرطوبة، بالإضافة إلى شفافيته الممتازة والتي تبلغ 90% في الطيف المرئي، وهو ما يضاهي (PET) و(PEN) بنسبة 90% و88.7% على التوالي.
يظهر الشكل أدناه الحصة السوقية الإجمالية العالمية لبولي إيثيلين نفتالات (PEN)، وبولي إيثيلين تيرفثالات (PET)، والكربون متعدد الذرات (PC)
ويظهر الشكل التالي توزيع لبولي إيثيلين نفثالات (PEN)، وبولي إيثيلين تيريفثالات (PET)، والكربون متعدد الذرات (PC) في السوق العالمية بناء على التطبيقات.
ومما يثير الانتباه أن الكربون متعدد الذرات لم يستخدم من قبل في هذا النوع من التطبيقات على الرغم مزاياه السابقة وخفة وزنه ومرونته وانخفاض تكلفته وذلك بسبب مقاومته الضعيفة للمذيبات وخشونة سطحه العالية. وقد تم التغلب على هذه التحديات باستخدام طريقة طلاء بالشفرة (blade coating method) لتطبيق طبقة مستوية من الريزن (الراتنج) الحراري القابل للتصلب في البيئة المحيطة إذ ساهمت هذه الطريقة في تقليل خشونة السطح من 1.46 ميكرومتر إلى 23 نانومتر. بالإضافة إلى دورها في خفض معدل انتقال بخار الماء إلى النص مما أدى إلى تحسن كبير في مقاومة المذيبات وسهل عملية ترسب الأحبار الأولية.
علماء إيطاليون يصنعون ألواح شمسية كبيرة المساحة من البيروفسكايت تعتمد على أكسيد النيكل بكفاءة 12.6%
صنعت مجموعة بحثية إيطالية لوح شمسي خلاياه من البيروفسكايت المقلوب بحجم 15 سم *15 سم يعتمد على طبقة نقل ثقوب تستخدم أكسيد النيكل غير العضوي (NiOx) بدلاً من البولي ثلاثي أريلامين (PTAA) ويهدف التصميم المقترح إلى تحقيق كفاءة عالية قادرة على منافسة الألواح التي تستخدم (PTAA) مع تحسين الاستقرار.
يتميز أكسيد النيكل غير العضوي بانخفاض تكلفته واستقراه الكيميائي ونفاذيته البصرية الممتازة وطبيعته المحبة للماء بالإضافة إلى ثباته الضوئي
تمت العملية بترسيب أكسيد النيكل باستخدام الطلاء بالشفرة كما وقد تم ترسيب مادة خلية البيروفسكايت على طبقة نقل الثقوب (HTL) ثم تم طلاؤها بطبقة نقل الإلكترون (ETL). ولتفادي خطر دمج طبقة نقل الثقوب مع أكسيد النيكل غير العضوي والتي قد تؤدي إلى انخفاض الكفاءة تمت طباعة أكسيد النيكل على الخلية باستخدام تقنية التشذيب (doctor blading) والتي تستخدم لتشكيل أغشية ذات سماكات محددة جيداً. فقد تم تشذيب محلول كلوريد النيكل على ركائز أكسيد الإنديوم القصدير (ITO) في ظل الظروف المحيطة ثم تم تسخين الأغشية عند 300 درجة مئوية لتعزيز التحلل والأكسدة والاستفادة من الأكسجين الجوي لتشكيل غشاء أكسيد النيكل.
تم تصنيع اللوح باستخدام ركيزة من أكسيد الإنديوم والقصدير وطبقة أحادية مجمعة ذاتياً وممتص بيروفسكايت وطبقة عازلة من البكمينسترفوليرين (C60)، وطبقة عازلة من الباثوكوبروين (BCP)، وموصل معدني من النحاس (Cu). وقد تم تصنيع الطبقات الأربع الأولى عن طريق المعالجة السطحية في ظل الظروف المحيطة بينما تم تجميع الطبقات المتبقية عن طريق التبخر الحراري
تبلغ مساحة اللوح 110 سم متربع وقد تم اختباره في ظروف إضاءة قياسية ليحقق كفاءة تحويل 12.6% وكثافة تيار كهربائي 19.67 ميللي أمبير لكل سم مربع وعامل ملئ 63.49%. كما وقد استطاع اللوح من الاحتفاظ بنسبة 84% من كفاءته الأولية بعد 1000 ساعة من اختبار الإجهاد الحراري عند 85 درجة مئوية في الهواء.
ألواح بيروفسكايت الشمسية ذات خلايا كفاءتها 24.5% متوفرة الآن في الأسواق الأمريكية
بدأت شركة أوكسفود بي في (Oxford PV) والتي تعمل على تطوير تقنية خلايا البيروفسكايت الشمسية منذ عام 2014 في توزيع ألواح الطاقة الشمسية المصنوعة من البيروفسكايت تجارياً إلى عملائها في الولايات المتحدة. تتكون هذه الألواح من 72 خلية وتبلغ كفاءتها 24.5% وتتميز بأنه بمقدرتها توليد ما يصل إلى 20% طاقة أكثر من ألواح السيلكون التقليدية.
يمكن استخدام هذه الألواح على نطاق المرافق وستساهم في خفض تكلفة الكهرباء المكافئة كما أنها ستساهم في استخدام الأراضي بكفاءة أكبر من خلال توليد المزيد من الكهرباء من نفس المساحة.
خاتمة
على الرغم من التقدم المذهل الذي حققته خلايا البيروفسكايت الشمسية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تواجه بعض التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن تصبح التكنولوجيا السائدة في سوق الطاقة الشمسية. من أبرز هذه التحديات:
- عدم القدرة على تصنيع خلايا عالية الكفاءة على نطاق واسع أو في ظروف جوية عادية لأن عمليات التصنيع يجب أن تتم في بيئة خاضعة للرقابة وخاملة إذ أن مركبات البيروفسكايت حساسة جداً للأكسجين والرطوبة
- الاستقرار الحراري إذ تحتاج خلايا البيروفسكايت إلى تحسين استقرارها على المدى الطويل، خاصة في ظل الظروف البيئية القاسية مثل الرطوبة والحرارة العالية. إذ يمكن لطبقة البيروفسكايت أن تتدهور بسبب التعرض لدرجات حرارة عالية
- العثور على أفضل المواد لتصنيع الطبقات الناقلة للثقوب والأقطاب الكهربائية لأن ذلك يؤثر بشكل كبير على استقرار الخلايا.
رغم هذه التحديات، إلا أن الإمكانات التي تتمتع بها خلايا البيروفسكايت تجعلها مرشحة قوية لتكون مستقبل الطاقة الشمسية. تتميز هذه الخلايا بتكلفة تصنيع منخفضة، ومرونة في التصميم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأبحاث والتطوير في هذا المجال تسير بوتيرة متسارعة، مما يشير إلى أننا قد نشهد قريبًا حلولاً مبتكرة لهذه التحديات.
في الختام، يمكن القول إن خلايا البيروفسكايت الشمسية تمثل تقنية واعدة للغاية في مجال الطاقة المتجددة. ومع استمرار الجهود البحثية والتطوير، يمكن أن تساهم هذه الخلايا بشكل كبير في تحقيق مستقبل أكثر استدامة. إلا أنه يجب مواجهة التحديات القائمة والتغلب عليها لضمان نجاح هذه التقنية على نطاق واسع.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصادر
The post خلايا البيروفسكايت الشمسية: تطور سريع وتحديات مستمرة appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by بسمه عبود