Categories
Uncategorized

تحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عمان 2050.. ما دور شركات النفط؟

في ظل تسارع الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي، تتصدّر سلطنة عمان المشهد الإقليمي بخطوات ملموسة نحو الحياد الكربوني؛ ما ينعكس بوضوح في المبادرات التي تقودها كبرى الشركات الوطنية في قطاع الطاقة، وعلى رأسها شركتا “تنمية نفط عمان” و”أوكيو”.

ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، لأنشطة أوكيو العمانية وتنمية نفط عمان، لا تقتصر الجهود على تقليل الانبعاثات فحسب، بل تمتد لتشمل تطوير حلول تقنية ومشروعات طاقة متجددة تُحدث تحولًا حقيقيًا في البنية الأساسية للطاقة بالبلاد.

ويعكس سعي سلطنة عمان لتحقيق الحياد الكربوني التزامًا وطنيًا ضمن رؤية “عمان 2040″، ويعزز من مكانتها بصفتها شريكًا دوليًا مسؤولًا في مواجهة تغير المناخ.

وتبرز أهمية التوجه في بلد يعتمد اقتصاديًا على النفط والغاز؛ ما يجعل التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة تحديًا وفرصة في آنٍ واحد.

ويتطلّب تحقيق الحياد الكربوني تكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص، ولا سيما من قِبل الشركات المسؤولة عن النسبة الكبرى من الانبعاثات.

وهو ما يُفسِّر الحراك الواسع لشركة تنمية نفط عمان ومجموعة أوكيو في تبني تقنيات التقاط الكربون والطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب مشروعات الهيدروجين الأخضر.

وفيما تعكف سلطنة عمان على بناء مستقبل منخفض الكربون، يظل التساؤل قائمًا: كيف تسهم شركات النفط في الدفع نحو هذا الهدف؟ وما طبيعة المشروعات التي تنفذها، ومدى تأثيرها الحقيقي في تقليل الانبعاثات؟

الحياد الكربوني في سلطنة عمان

يُعد الحياد الكربوني في سلطنة عمان محورًا إستراتيجيًا تعمل عليه مختلف مؤسسات الدولة؛ وفي مقدمتها شركتا “تنمية نفط عمان” و”أوكيو”، اللتان تتبنيان نهجًا علميًا ومستدامًا لتحقيق الهدف الوطني للحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وأطلقت شركة تنمية نفط عمان -المشغل الرئيس لقطاع النفط في سلطنة عُمان- حزمة مبادرات نوعية تركّز على خفض البصمة الكربونية عبر تطوير مشروعات متقدمة تشمل تقنيات التقاط واستعمال الكربون، والطاقة المتجددة، وإدارة المياه.

ومن أبرز هذه المشروعات:

  • مشروع “ظليمة” الرائد في الاستخلاص المعزز للنفط باستعمال ثاني أكسيد الكربون، الذي يتيح استرجاع كميات من النفط العالق دون التسبب في اختراق الغاز، ويُعد حجر الأساس بإستراتيجية التقاط الكربون واستعماله وتخزينه (CCUS).
  • مشروع “رياح 1 و2” بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ميغاواط، وهو أول مشروع من نوعه تنفذه شركة نفط وغاز عالميًا، ويُتوقع أن يقلل 740 ألف طن من انبعاثات الكربون سنويًا، مع التشغيل المقرر في الربع الأخير من 2026.
  • محطة أمين للطاقة الشمسية (100 ميغاواط)، التي تعمل منذ عام 2020 وأسهمت في خفض أكثر من 1.1 مليون طن من الانبعاثات.
  • مشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية في شمال الامتياز، المتوقع تشغيله في منتصف 2026، بقدرة 100 ميغاواط لتقليل 220 ألف طن من الانبعاثات سنويًا.
  • مشروع “مرآة” لتوليد البخار بالطاقة الشمسية، الذي يدعم تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط بطريقة نظيفة، ويُعد من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية الصناعية عالميًا.
محطة أمين للطاقة الشمسية في سلطنة عمان
محطة أمين للطاقة الشمسية في سلطنة عمان – الصورة من موقع شركة “أمين” للطاقة المتجددة

وفي جانب إدارة المياه، تقود تنمية نفط عمان مشروعات مبتكرة:

  • مشروع “نِمر” للأراضي الرطبة، الذي يستعمل القصب لتنقية 175 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، ويقلل 113 ألف طن من الانبعاثات سنويًا.
  • محطة “ريما” لمعالجة المياه، التي تعالج 40 ألف متر مكعب يوميًا وتنتج 10 ميغاواط من الكهرباء النظيفة، مع تقليل 48 ألف طن من الانبعاثات.

وتسعى الشركة إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة المستعملة في عملياتها إلى 30% بحلول 2026؛ ما يعزز التوجه الوطني نحو مصادر طاقة نظيفة ومستدامة.

المقر الرئيس لشركة تنمية نفط عمان
المقر الرئيس لشركة تنمية نفط عمان

إستراتيجية أوكيو لتحقيق الحياد الكربوني

من جهتها، تتولّى مجموعة أوكيو العمانية دورًا رياديًا بقيادة التحول الإستراتيجي للطاقة في سلطنة عمان نحو الحياد الكربوني.

ومنحتها وزارة الطاقة والمعادن صفة المؤسسة الوطنية الرائدة في الطاقة المتجددة؛ ما مكّنها من رسم خرائط طريق واضحة لخفض الانبعاثات، وتحسين كفاءة الطاقة، وتنفيذ مشروعات في الجزيئات منخفضة الكربون.

وحددت أوكيو هدفًا طموحًا يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 25% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 2021، وتدعم تحقيق هذا الهدف عبر أدوات حوكمة حديثة؛ منها لجنة توجيه متخصصة ونظام رقمي لرصد غازات الدفيئة، إلى جانب حصولها على شهادة ISO 50001 في إدارة الطاقة.

أوكيو العمانية

وتقود “أوكيو للطاقة البديلة” محفظة مشروعات متجددة بقدرة إجمالية تبلغ 7 غيغاواط، من أبرزها:

  • مشروع مشترك مع “توتال إنرجي” لإنتاج 300 ميغاواط من الطاقة الشمسية والرياح لصالح تنمية نفط عمان، يُنتظر تشغيله الكامل بنهاية 2026.
  • مشروع “مرسى للطاقة الشمسية” بقدرة 100 ميغاواط في صحار، يُغذي منشآت الغاز الطبيعي المسال، مع بداية التشغيل المرتقبة في 2028.
  • المشاركة في مشروعات “عبري 3″ و”ظفار 2″ و”جعلان بني بو علي”، بإجمالي قدرة 737 ميغاواط.

مشروعات الهيدروجين الأخضر

تولي “أوكيو” أهمية كبرى لتقنيات الهيدروجين الأخضر، بوصفه أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عمان، وتطور حاليًا 3 مشروعات رئيسة بالتعاون مع شركاء دوليين:

  1. هايبورت الدقم
  2. عُمان للطاقة الخضراء
  3. صلالة للهيدروجين

وتهدف هذه المشروعات لإنتاج أكثر من مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، بالإضافة إلى مشتقات أخرى، مثل الأمونيا والميثانول ووقود الطائرات المستدام؛ ما يعزز من قدرة عمان التنافسية في سوق الطاقة العالمية.

الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان

الاستدامة في إدارة الموارد المائية

على صعيد إدارة الموارد، تلتزم أوكيو بعدم استعمال المياه العذبة أو غير المتجددة، وتعتمد كليًا على تحلية مياه البحر، مع مراجعة خط الأساس المائي وفق معايير GRI 303.

وتركز الشركة جهودها لعام 2025 على تحسين كفاءة استهلاك المياه وتركيب عدادات ذكية؛ بما يعكس نهجًا متكاملًا في الحفاظ على البيئة.

خريطة طريق وطنية للتحول

يؤكد استعراض جهود شركتي “تنمية نفط عمان” و”أوكيو” أن الحياد الكربوني لم يعد مجرد شعار، بل تحوّل إلى خريطة طريق تُرسم بمشروعات محددة وأهداف قابلة للقياس؛ ما يجعل سلطنة عمان في موقع متقدم بين الدول الساعية إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات.

وبينما يتطلب هذا التحول استثمارات ضخمة وتحديات تقنية؛ فإن العوائد على المدى الطويل تتجاوز الفوائد البيئية، لتشمل تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

وعلى ذلك؛ فالرسالة واضحة بأن شركات النفط لم تعد عائقًا أمام الحياد الكربوني، بل أصبحت ركيزة أساسية لتحقيقه في سلطنة عمان.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إقرأ: تحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عمان 2050.. ما دور شركات النفط؟ على منصة الطاقة