هل يتوقف إنتاج النفط في سوريا مع تصاعد التوترات الأمنية؟ (تقرير)
يواجه إنتاج النفط في سوريا تحديات متزايدة على مختلف الأصعدة، وسط اضطرابات أمنية متجددة تهدد استقرار البلاد.
ومع تصاعد التوترات في مناطق الساحل السوري بين قوات الأمن ومجموعات تابعة لنظام بشار الأسد، برزت تساؤلات حول مدى تأثير ذلك في القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع النفط، الذي يُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
وأفادت تقارير، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بوقوع مواجهات واشتباكات عنيفة في ريف اللاذقية، ما أدى إلى انقطاع واسع النطاق في خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات، مما فاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في المنطقة.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية التزامها بضمان استمرار الإمدادات، رغم التحديات التي يفرضها الوضع الراهن.
ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه قطاع النفط في سوريا ضغوطًا إضافية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة، ورغم بعض الانفراجات الدولية، ما تزال القيود تحدّ من قدرته على التعافي السريع.
ومع تضرُّر البنية التحتية ووجود عمليات تخريب مستمرة، يواجه القطاع معركة شاقّة للحفاظ على مستويات إنتاجه وتلبية الطلب المحلي.
وسط هذه التطورات، يثار التساؤل حول قدرة دمشق على تجاوز هذه العقبات، وتأمين إنتاجها النفطي في ظل المشهد السياسي والأمني المضطرب، وما إذا كانت الإجراءات الحكومية كافية لضمان عدم توقُّف الإنتاج.
النفط في سوريا
يُعدّ النفط في سوريا أحد أهم الموارد الاقتصادية، إذ يُقدّر احتياطي البلاد بنحو 2.5 مليار برميل، ما يجعله مصدرًا إستراتيجيًا للطاقة.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط السوري لدى منصة الطاقة المتخصصة، تتركز الحقول النفطية أساسًا في مناطق الحسكة ودير الزور والرقة، وهي مناطق شهدت صراعات متكررة أثّرت في عمليات الإنتاج والنقل.
ومنذ بدء الإنتاج في ستينيات القرن الماضي، أدى النفط دورًا رئيسًا في الاقتصاد السوري، إذ بلغت مساهمته أكثر من 25% من الناتج المحلي، في المدة ما بين عامي 1990 و2010، قبل اندلاع الأزمة في عام 2011.
لكن مع تصاعد الاضطرابات، تعرضت البنية التحتية لأضرار جسيمة، وتراجع الإنتاج بشكل كبير.
تأثير الأحداث الأمنية في إنتاج النفط
أثّرت الاشتباكات المسلحة في الساحل السوري في العديد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك قطاع الطاقة، إذ شهدت اللاذقية وبانياس اضطرابات كبيرة أدت إلى إغلاق بعض المنشآت النفطية مؤقتًا، إضافة إلى تضرُّر بعض أنابيب النقل نتيجة العمليات العسكرية.
ورغم الجهود الحكومية لضمان استمرارية الإمدادات، فإن المخاوف تتزايد بشأن تأثير التوترات الأمنية في الإنتاج المستقبلي.
وأكدت وزارة النفط أن الفرق الفنية تعمل على إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، لكنها لم تقدّم جدولًا زمنيًا دقيقًا لاستعادة العمليات بشكل كامل.
من جانبه، أشار نائب مدير منظمة الدفاع المدني السوري إلى أن الوضع ما يزال معقّدًا، إذ تعوق الاشتباكات المستمرة وصول فرق الطوارئ إلى بعض المناطق، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الأضرار وإعادة تشغيل المرافق المتضررة.
العقوبات على سوريا
رغم العقوبات المفروضة على سوريا، شهد القطاع النفطي انفراجة جزئية مؤخرًا، إذ قرر الاتحاد الأوروبي، في 24 فبراير/شباط 2025، تعليق القيود على قطاع الطاقة، بما يشمل النفط والغاز والكهرباء.
كما أعلنت سويسرا، السبت 8 مارس/آذار 2025، رفع بعض العقوبات المفروضة على قطاعي الطاقة والنقل، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية.

وأصدرت الولايات المتحدة قرارًا، في يناير/كانون الثاني الماضي، يسمح بالتعاملات النفطية مع سوريا حتى 7 يوليو/تموز 2025، ما يمنح الحكومة فرصة للاستفادة من إمدادات جديدة.
غير أن استمرار القيود على الاستثمارات الأجنبية يظل عائقًا رئيسًا أمام تطوير القطاع واستعادة مستويات الإنتاج السابقة.
تحديات صناعة النفط في سوريا
تواجه صناعة النفط في سوريا تحديات متعددة تعوق قدرتها على التعافي السريع، وتشمل ما يلي:
- فقدان السيطرة على الحقول النفطية: تؤثّر الأحداث الأمنية في قدرة الحكومة على إدارة مواردها، ولا سيما مع عدم وقوع العديد من الحقول الرئيسة في نطاق سيطرتها.
- تقادم البنية التحتية: تعاني المصافي وخطوط النقل من الإهمال ونقص الصيانة، ما يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة تشغيلها بكامل طاقتها.
- القيود الاقتصادية والاستثمارية: ما تزال العقوبات المفروضة على سوريا تعرقل فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، ما يؤثّر في عمليات التطوير والتحديث في القطاع.
إجراءات تأمين إنتاج النفط
في ظل التحديات المتزايدة، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية مجموعة من الإجراءات لضمان استمرار الإنتاج وتأمين إمدادات المحروقات للمواطنين، من بينها:
- ملاحقة عمليات التهريب والاتجار غير المشروع بالمحروقات، التي تؤثّر سلبًا في السوق المحلية.
- تعزيز الرقابة على المنشآت النفطية، لمنع أيّ أعمال تخريبية قد تهدد عمليات الإنتاج والنقل.
- تحديث البنى التحتية، من خلال خطط لإعادة تأهيل المصافي المتضررة وضمان تشغيلها بأقصى طاقتها.
وأكد وزير النفط السوري، غياث دياب، أن الوزارة ستواصل التعاون مع الجهات المختصة لملاحقة أيّ تجاوزات تمسّ بالمصالح الوطنية، مؤكدًا أهمية حماية الثروات النفطية بوصفها مسؤولية جماعية.
مستقبل النفط في سوريا
يرتبط مستقبل النفط في سوريا بعدّة عوامل، أبرزها قدرة الحكومة على تحقيق استقرار أمني وسياسي يتيح إعادة تشغيل الحقول المتوقفة، وتطوير السياسات الاقتصادية لجذب الاستثمارات.
ومع استمرار الطلب المحلي على المحروقات والكهرباء، تزداد الحاجة إلى إصلاح شامل للقطاع لضمان استدامة الإنتاج.
ورغم الأزمات التي واجهها قطاع النفط خلال العقد الماضي، تظل هناك فرص واعدة للنهوض مجددًا، إذا ما توفرت الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية المناسبة.
ويُتوقع أن تؤدي مشروعات إعادة التأهيل دورًا محوريًا في استعادة مستويات الإنتاج السابقة، مع إمكان تحقيق تقدُّم تدريجي حال استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى رفع المزيد من القيود الدولية المفروضة على الصناعة النفطية في البلاد.
موضوعات متعلقة..
متى ينتهي إنتاج النفط في سوريا؟.. 3 سيناريوهات تحدد موعد نفاد الاحتياطيات
حقول النفط والغاز في سوريا.. أرقام عن الاكتشافات والاحتياطيات (ملف خاص)
مستقبل التنقيب عن النفط والغاز في سوريا.. 3 سيناريوهات محتملة
اقرأ أيضًا..
إنتاج الإمارات من النفط.. متى يتجاوز 3.5 مليون برميل يوميًا؟ (تقرير)
صفقة استحواذ في أفريقيا على يد شركة بريطانية
سوق مصافي التكرير العالمية قد تتجاوز 3.7 تريليون دولار بحلول 2032
المصادر..
- سوريا ترحب بتخفيف العقوبات عنها وتجميد الأصول المرتبطة ببشار الأسد من قبل السلطات السويسرية من وكالة “سانا”.
- تقرير بعنوان “النفط والغاز في سوريا.. 3 عوامل تحدد مستقبل القطاع” من منصة الطاقة المتخصصة.
إقرأ: هل يتوقف إنتاج النفط في سوريا مع تصاعد التوترات الأمنية؟ (تقرير) على منصة الطاقة