من الالتزام وحتى الأثر.. حكاية تقارير الاستدامة
في زمن تتسارع فيه وتيرة التحديات المناخية والبيئية، وتزداد الضغوط على الشركات والمؤسسات لتبني ممارسات أكثر استدامة ومسؤولية، تبرز الحاجة الملحة لفهم عميق لمفاهيم الاستدامة وتقارير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) هذه المفاهيم التي لم تعد مجرد توجهات اختيارية، بل ضرورة حتمية تفرضها المتغيرات العالمية والتزامات الدول بمواجهة التغير المناخي. في هذا السياق، نلتقي اليوم مع دانا درويش، كبيرة مستشاري التغير المناخي والكربون وحوكمة البيئة والمجتمع والمؤسسات في شركة WSP الشرق الأوسط، لنستكشف معها أبرز التحديات والفرص في عالم الاستدامة المؤسسية. خلال هذا الحوار الشامل، نتناول مع دانا محاور حيوية تشمل دور التقارير المعنية بالطبيعة في تغيير نهج الشركات تجاه التنوع الحيوي، وتحديات جودة البيانات في تقارير ESG، إلى جانب استراتيجيات التعامل مع الانبعاثات الكربونية من النطاق الثالث. كما نستكشف دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل تقارير الاستدامة، والعلاقة المترابطة بين الصحة النفسية والاستدامة، وأهمية سلاسل التوريد المستدامة.
نتحدث دائماً عن خفض الانبعاثات الكربونية، ولكن، لدينا أيضاً مفهوم الانتقال العادل، كيف تكون رحلة الانتقال عادلة؟
لنتناول أولاً مفهوم “الانتقال العادل” ببساطة: هو ذلك التحول المنشود نحو اقتصاد مستدام ومنخفض الانبعاثات الكربونية، لكن المفهوم لا يقف عند حدود البيئة فحسب، بل يتعداها ليشمل تحقيق الحياد الكربوني والوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات، في إطار رؤية شاملة لا تفصل بين العدالة البيئية والعدالة الاجتماعية.
فالاستدامة، على الرغم من أن البيئة تمثل أحد أركانها الأساسية، لا تُختزل في البُعد البيئي وحده. إذ لا يمكن الحديث عن مستقبل مستدام دون ضمان ممارسات مسؤولة من الناحية الإنسانية والاجتماعية، تُراعي العدالة، وتُعلي من شأن الشمولية. فحقوق الإنسان تشكّل جوهر هذا المفهوم، ولا يمكن أن نبلغ الاستدامة الحقيقية ما لم تكن المساواة الاجتماعية جزءاً أصيلاً منها.
وعندما نطرح قضية الانتقال من الصناعات كثيفة الانبعاثات إلى القطاعات النظيفة، تبرز تساؤلات جوهرية: ماذا عن الوظائف التي ستُفقد خلال هذا المسار؟ وكيف نُوازن بين مصالح الدول الصناعية المتقدمة وتحديات الاقتصادات الناشئة؟ هنا، لا بد من إشراك جميع الأطراف في هذا الحوار العالمي، من دول كبرى وصناع قرار، إلى المجتمعات المحلية والفئات الأكثر تضرراً. فلا يمكن تحقيق انتقال عادل دون تمثيل متوازن وشامل.
كما أن هذا التحول لا يجب أن يأتي على حساب الفئات الهشة، بل ينبغي أن يكون مدخلاً لتحقيق المزيد من الإنصاف. فالمساواة بين الجنسين، والاهتمام بالفئات العمرية الأكثر عرضة للتأثر، كالأطفال وكبار السن، يجب أن تكون في صلب هذا الانتقال. ولا بد من تثقيف الأجيال الشابة وإشراكهم في عمليات صنع القرار، فهم من سيرثون هذا الكوكب، وهم الأمل في مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.
التنوع، إذن، ليس مجرد قيمة مضافة، بل هو حجر الأساس في مسار الانتقال العادل. ومن الضروري ايضاً الاعتراف بدور الشعوب الأصلية والمعارف التقليدية التي توارثتها المجتمعات منذ القدم. أتذكّر هنا جلسة حضرتها في المنطقة الزرقاء خلال مؤتمر الأطراف COP28، حين قال أحد المتحدثين جملة لا تزال عالقة في ذهني: “لماذا نستبعد المعرفة الأصلية من دبلوماسية المناخ وصنع القرار، في حين أن هذه الفئة هم من عاشوا في تناغم وسلام مع الأرض، ويعرفون كيف يتحدثون إلى الكوكب ويشعرون به؟”
ولعل هذه العبارة، بكل ما تحمله من بساطة وعمق، تُجسد المعنى الحقيقي للانتقال العادل.
ماذا عن جودة البيانات في تقارير ESG، ما أبرز التحديات التي تواجهها الشركات عند جمع بيانات هذه التقارير؟
تُعد جودة البيانات واتساقها أثناء جمع المعلومات لإعداد تقارير ESG أحد أبرز التحديات المعاصرة. ومن خلال خبرتي الاستشارية في هذا المجال، أجد أن جودة البيانات تشكل عقبة رئيسية، ليس في منطقتنا فحسب، بل على المستوى العالمي.
يعود السبب إلى عدة عوامل: جهل الشركات بالمصادر المناسبة للبيانات المطلوبة، أو اعتقادها أنها لا تمتلك البيانات الصحيحة رغم وجودها بصورة غير منظمة، أو اختلاف تعريف البيانات والمؤشرات بين الفرق داخل الشركة نفسها، مما يعقد استخراج المعلومات.
لذا يُعد الحصول على البيانات الصحيحة والتحسين المستمر لعملية جمعها أمرًا أساسياً. وتتطلب البيانات الجيدة معايير أساسية: الاكتمال والدقة والتوقيت المناسب وإمكانية المقارنة والتوازن في تغطية أسس الاستدامة الثلاثة (البيئة والمجتمع والحوكمة).

ولأوضّح بخطوات عملية فإننا نبدأ عادة بإعداد مصفوفة الموضوعات الجوهرية (Materiality Assessment) عند تحضير تقارير ESG، مع ضمان الاتساق مع المعايير العالمية. ثم نضع أسس التقارير، وهو ما يشمل تحديد معنى كل مؤشر داخل الشركة تحديدًا، لأن حدود المؤشرات تختلف من شركة لأخرى.
من خبرتي، تُعد أول سنتين الأصعب لأي شركة تبدأ بتقديم تقارير ESG، حتى يعتاد جميع المساهمين على عملية جمع البيانات. مع الوقت تصبح العملية أسرع وأيسر، ويدرك الجميع، خاصة الإدارة العليا، أهمية هذه التقارير، مما يسهل عمل أقسام الاستدامة في النهاية.
فيما يخض الانبعاثات الكربونية من النطاق 3، كيف تتغلب الشركات على عقبات تتبع هذه البيانات؟
يُعرف عن جمع وتتبع الانبعاثات الكربونية من النطاق 3 تعقيدها وصعوبتها عبر مختلف القطاعات. ولسد هذه الفجوة، تلجأ الشركات إلى ما يُسمى التقديرات القائمة على الإنفاق (Spend-based estimates)، حيث تحسب الانبعاثات بناءً على مقدار الأموال المُنفقة على منتج أو خدمة معينة، وليس على الكميات المادية الفعلية للسلع أو الطاقة المستهلكة.
كما أن التعاون المؤسسي مطلوب، إذ تُعد عملية جمع البيانات عملية تكاملية تتطلب تعاون جميع الأقسام والفرق داخل الشركة، مثل التنسيق بين أقسام المشتريات والاستدامة والبحث والتطوير والأقسام المالية للحصول على البيانات المطلوبة.
ما الجوانب الأكثر تحدياً بالنسبة للمنظمات فيما يتعلق بالإفصحات الإلزامية ؟
تبقى جودة ودقة البيانات التحدي الأساسي كما ذكرت سابقاً. فالمنظمات تواجه عمليات تدقيق علنية مستمرة من أطراف ثالثة أو حتى من القراء، خاصة عند وجود معلومات غير متسقة أو متناقضة أو غير واضحة، مما قد يؤدي لاتهام الشركة بـ”الغسيل الأخضر”.
وفي السنوات القليلة الماضية ازداد الوعي حول هذه الممارسات، خاصة لدى الأجيال الأصغر، إلى جانب ظهور المزيد من المعايير في السنوات الأخيرة. ونرى الشباب اليوم في الخطوط الأمامية لأي نقاش يدور حول الاستدامة، لذا فإن تحري الدقة والوضوح فيما يُنشر أمر بالغ الأهمية.
أما التحدي الآخر فيكمن في قدرة الشركات على التكيف ومواكبة التغيرات المستمرة في أطر ومعايير الاستدامة ومتطلبات المستثمرين، حيث تتغير هذه المتطلبات باستمرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
يظهر هذا التحدي بوضوح أكبر لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفتقر للخبرة الواسعة أو فرق الاستدامة المتخصصة.
حول الذكاء الاصطناعي، كيف يتم استخدامه في تقارير ESG، مثلاً في المستقبل هل سنرى تقارير كتبت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي؟
كما هو الحال في جميع المجالات، لا يمكن الاعتماد بالكامل على الذكاء الاصطناعي في إعداد تقارير الاستدامة، إذ يبقى الجهد البشري ضرورياً لا غنى عنه. يكمن دور الذكاء الاصطناعي في تسهيل جمع البيانات من مصادرها المتنوعة وتنظيمها بكفاءة أكبر، فضلاً عن جعل عمليات عرض البيانات أكثر تفاعلية من خلال لوحات المعلومات الذكية والتصورات البيانية المتقدمة. كما يمكنه إجراء تحليلات أولية وتحديد الأنماط في البيانات الكبيرة.
لكن لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المراحل الحاسمة، خاصة عند اتخاذ القرارات الاستراتيجية ووضع الخطط المستقبلية ورسم القصة الكاملة حول الشركة ونشاطاتها والتفسير النوعي للبيانات وربطها بالسياق التجاري. باختصار، يُعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتعزيز كفاءة إعداد تقارير ESG، لكنه يبقى مساعداً وليس بديلاً للخبرة البشرية والتفكير الاستراتيجي المطلوبين في هذا المجال المعقد.
الصحة النفسية والرفاه كجزء من الاستدامة – العامل البشري والمجتمعي
ما علاقة الصحة النفسية ورفاه الأفراد بالاستدامة؟
يحظى هذا الموضوع باهتمام متزايد حالياً، إذ لا يمكن فصل الاستدامة عن حقوق الإنسان. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تُعد الصحة النفسية والعقلية حقاً أساسياً من حقوق الإنسان للجميع، وحقوق الإنسان في الواقع هي جوهر الاستدامة.
وكما يتم تعريفها في الأدبيات، تعرف الاستدامة بقدرة الأجيال الحالية على التمتع والاستفادة من الموارد المتاحة دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. هذا التعريف بحد ذاته يعبر عن مفهوم شامل لحقوق الإنسان، ولهذا نرى الصلة الوثيقة بين الصحة النفسية والاستدامة.
من هذا المنطلق، على الشركات الاهتمام بالصحة النفسية للموظفين والعملاء والشركاء وأصحاب المصلحة، بل وحتى أفراد المجتمع الذي تمارس فيه أنشطتها وتقدم خدماتها. فالاستدامة الحقيقية تتحقق عندما تضمن المؤسسات رفاه جميع من يتأثرون بعملياتها، مما يخلق بيئة صحية ومستدامة للجميع.
أحد الموضوعات التي بدأت تتردد على مسامعنا في الآونة الأخيرة سلاسل التوريد المستدامة، ما علاقتها بتقارير ESG وكيف يمكن تطبيقها؟
صحيح، بدأنا نشهد في الآونة الأخيرة تردد موضوع سلاسل التوريد بكثرة، ويمكن جعل هذه السلاسل مستدامة من خلال دمج ممارسات الاستدامة البيئية والمجتمعية والحوكمية في عملية اختيار الموردين. فعندما تقرر شركة ما اختيار مورد لأحد منتجاتها، لا يجب عليها الاكتفاء بالبحث عن مورد يمتلك الشهادات التجارية، بل أيضاً النظر في جوانب أخرى مثل: هل لدى هذا المورد أهداف لخفض الانبعاثات الكربونية ضمن خططه؟ هل يطبق سياسات حقوق الإنسان داخل مؤسسته؟ السبب بسيط: نود تجنب أي مخاطر قد تكون موجودة على طول سلسلة القيمة، مخاطر قد تؤثر على سمعة الشركة.
بعد اختيار المورد للعمل معه، يجب وضع معايير ESG ضمن بنود العقد عند التوقيع، بمعنى الاتفاق على بعض التوقعات والمؤشرات قبل البدء بالعمل معاً، بما يضمن مسؤولية المورد ويضمن حصولك على البيانات الدقيقة عند طلبها منه، أياً كانت هذه البيانات، سواء متعلقة بالتنوع الحيوي أو الانبعاثات الكربونية من النطاق الثالث وغيرها.
هناك استراتيجية أخرى لضمان سلسلة توريد مستدامة تتمثل في رفع الوعي والمعرفة لدى المورد الذي تتعامل معه، من خلال إعداد خطط لإشراك الموردين. يتضمن ذلك إقامة دورات وبرامج تثقيفية وتعليمية دورية للمورّد لإطلاعه على طموحات وأهداف الشركة وتوقعاتك منه وأهمية إدارة سلسلة القيمة وممارسات التوريد الأخلاقي.
كيف تُغير التقارير المعنية بالطبيعة النهج الذي تتبعه الشركات في التعامل مع التنوع الحيوي ضمن تقارير البيئة، والمجتمع، والحوكمة ESG ؟
تُسهم التقارير المعنية بالطبيعة والتنوع الحيوي والتي تنص عليها فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالطبيعة (TNFD)، في تغيير النهج الذي تتبعه الشركات ضمن تقاريرها في المجالات ذات الصلة بالأثر البيئي والطبيعة. إذ تقوم هذه التقارير بوضع الطبيعة، والأثر البيئي، والتنوع الحيوي في مقدمة أولوياتها، وتتعامل معها باعتبارها مخاطر مادية، وهو ما تم تجاهله وإهماله لفترة طويلة من قِبل العديد من المؤسسات والقطاعات.
التنوع الحيوي جوهر عمل TNFD، حيث تسعى إلى مساعدة الشركات على فهم اعتمادها وتأثيرها على الطبيعة، بما في ذلك الكائنات الحية، النظم البيئية، والمصادر الطبيعية. كما تُقدّم TNFD إطارًا طوعيًا لإعداد تقارير مرتبطة بالطبيعة، بحيث تُمكّن المؤسسات من تقديم تقارير مبنية على مؤشرات قابلة للقياس، ووفق منهجيات منظمة وواضحة.
وتشجع الشركات أيضًا على تقييم المخاطر والفرص البيئية، مستندةً إلى أدلة واضحة ونهج يستشرف المستقبل. علاوة على ذلك، تأخذ TNFD في الاعتبار مدى قابلية سلاسل القيمة للتأثر، وهو جانب لطالما تم التغاضي عنه في تقارير الشركات، فتأتي TNFD لتضع هذه المسألة في صميم تقارير الحوكمة البيئية.
من هنا، يتّضح كيف تُغير التقارير المعنية بالطبيعة النهج الذي تتبعه الشركات في التعامل مع التنوع الحيوي من خلال دمجه بشكل فعّال وواضح ضمن تقارير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، وهو ما سيجعل صداها يتردد كثيرًا خلال الأعوام المقبلة، وسنراه جليًا في تقارير المؤسسات المختلفة.
ماذا عن مسار” التكيف” مع التغيرات المناخية؟
حول التكيف..بدأ أصحاب الأعمال اليوم بالتعمق في هذا المفهوم، لدراسة أثر التغيرات المناخية ومخاطرها الفيزيائية على البيئة المحيطة، وكذلك على بيئة الأعمال، ووضع استراتيجيات للتأقلم مع مختلف السيناريوهات المتوقعة، خصوصاً ما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة.
من الأدوات المستخدمة حالياً برامج النمذجة المناخية، وإطار الإفصاح المالي المرتبط بالمناخ (TCFD)، وغيرها من الوسائل التي تساعد على فهم التأثيرات المحتملة، مثل موجات الحر وارتفاع منسوب البحر، مع مراعاة خصوصية كل قطاع، إذ تختلف درجة الهشاشة والتأثر بالتغير المناخي تبعاً لطبيعة العمليات التشغيلية والأصول.
فالمخاطر التي تواجه القطاعات الزراعية، على سبيل المثال، تختلف تماماً عن تلك التي تواجه شركات النفط والبتروكيماويات.
مرة أخرى، فإن دراسة المسارات المحتملة لدرجات الحرارة المستقبلية، ووضع خطط استباقية لكل سيناريو، أمر ضروري لضمان الحماية من المخاطر المالية والفيزيائية التي قد تهدد استمرارية الشركات.
التدقيق العلني في مجابهة الغسيل الأخضر
وأخيراً، ماذا عن مكافحة التضليل البيئي أو ما يُعرف بـ”الغسيل الأخضر”؟ وماذا عن حركات التدقيق العلني التي بدأت تظهر مؤخراً من قِبل النشطاء والمجتمع المدني؟
للأسف، لا تزال بعض الشركات تنظر إلى تقارير الاستدامة أو الـESG بوصفها أدوات تسويقية بالدرجة الأولى، وهذا مفهوم مغلوط تماماً. وبحكم عملي في هذا المجال، أجد من واجبي التوضيح دائماً، وأكرر للعملاء: “أنا لست مستشارتكم التسويقية”.
رسالتي واضحة لكل شركة تعتزم نشر تقرير الاستدامة الخاص بها: لا تكتفوا بعرض الأثر الاقتصادي أو البيئي الإيجابي، بل من الضروري، وبالقدر ذاته، الإفصاح عن الأضرار التي قد تكون تسببت بها أعمالكم سواء على البيئة أو المجتمع.
خذوا على سبيل المثال إطار GRI، أحد أكثر أطر الإفصاح شهرة على مستوى العالم، الذي يشدد ضمن معاييره على ضرورة ذكر الآثار الإيجابية والسلبية على حد سواء، عند إجراء تقييم مصفوفة الموضوعات الجوهريةMateriality Assessment ، بما يعكس الأثر الحقيقي والواقعي.
ومن هنا، أنصح الشركات بالتحلي بأقصى درجات الشفافية والمصداقية عند الحديث عن مدى تقدمها.
نقطة أخرى تتكرر كثيراً وهي المبالغة في الوعود (Overcommitting)، حيث تطلق أهدافاً ضخمة دون أدلة أو بيانات تدعم قابليتها للتطبيق، وهو أمر بالغ الخطورة، لا سيما في ظل تنامي حركات التدقيق البيئي التي تراقب عن كثب مصداقية هذه الادعاءات، مما قد يهدد سمعة الشركات وموثوقيتها.
وعليه، فإن الإعلان عن أهداف طموحة يجب أن يتزامن مع الإفصاح الواضح عن مستوى التقدم المحقق، سواء عبر الموقع الإلكتروني أو قنوات التواصل. وينبغي أن تكون هذه الأهداف واقعية، قابلة للتحقيق، دقيقة، ومرتبطة بإطار زمني محدد.
فالرسالة الأسمى من تقارير ESG ليست الترويج للشركات بوصفها “رواداً” أو “قادة”، بل الاعتراف بالمسؤولية، والعمل المشترك نحو مستقبل أكثر استدامة وعدلاً.
حول الخبير
دانا درويش، كبيرة مستشاري التغير المناخي والكربون وحوكمة البيئة والمجتمع والمؤسسات (ESG) في شركة WSP في الشرق الأوسط، من الأسماء البارزة التي تسهم في رسم ملامح جديدة لمفهوم الاستدامة والمسؤولية المؤسسية في المنطقة. ومن خلال دورها الفاعل ضمن فريق WSP، تضع دانا بصمة واضحة في دعم طيف واسع من العملاء خلال رحلتهم نحو تطبيق معايير الاستدامة وESG، الأمر الذي أسهم في رفع مستوى التزام الشركات بالاستدامة وتعزيز حضورها المؤسسي في هذا المجال الحيوي.
أشرفت دانا على تنفيذ عدد من المشاريع المتخصصة في الاستدامة واستشارات ESG، شملت إعداد تقارير الاستدامة، وتطوير استراتيجيات ESG ، وتحسين العمليات التشغيلية بما يتماشى مع أهداف الاستدامة، إضافة إلى وضع استراتيجيات فعّالة للمسؤولية المجتمعية للشركات، وإجراء الدراسات والتقييمات المتخصصة (Due Diligence) في مجال ESG. وتحمل دانا اعتمادًا مهنيًا من المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI)، وشهادة تخصص في ESG من معهد CFI، إلى جانب حصولها على براءة اختراع بحثية صادرة عن وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات.
وفي إطار التزامها المجتمعي، تتولى دانا قيادة فرع الإمارات في منظمة “النساء في الطاقة المتجددة” (WiRE)، وهي منظمة كندية غير ربحية. ومن خلال هذا الدور، تكرّس جهودها للنهوض بقضايا المساواة بين الجنسين وتعزيز التنوع في قطاع الطاقة. ولا يقتصر دورها على تمثيل المرأة فقط، بل تعمل على ترسيخ مفاهيم القيادة الشمولية، من خلال إدارة وتقديم برامج البودكاست، والإشراف على برامج الإرشاد وبناء القدرات، وقيادة حوارات مجتمعية بنّاءة. وكان من أبرز مساهماتها في هذا السياق، حرصها على إدماج وجهات نظر الشباب والنساء ضمن فعاليات مؤتمر COP28، لتكون أصواتهم جزءًا من القرارات المصيرية في قضايا المناخ والطاقة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
The post من الالتزام وحتى الأثر.. حكاية تقارير الاستدامة appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by خبراء الاستدامة