Categories
Uncategorized

قطاع الكهرباء في سوريا يتلقى دعمًا جديدًا.. هل تُغير تركيا المشهد المأزوم؟ (تقرير)

في ظل النقص الحاد الذي يعانيه قطاع الكهرباء في سوريا، أعلنت أنقرة خطوة جديدة قد تسهم في تغيير معادلة الطاقة بالبلاد، عبر تزويدها يوميًا بـ6 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي، في إطار خطة لدعم تشغيل محطات التوليد، وعلى رأسها محطة حلب.

وتعد هذه المبادرة التركية تطورًا لافتًا في سياق العلاقات الإقليمية؛ إذ يأتي تزويد سوريا بالغاز والكهرباء من تركيا خلال وقت يشهد ضغوطًا متزايدة على البنى التحتية الكهربائية السورية، التي تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الحرب.

وبحسب تصريحات لوزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الخط الممتد من ولاية كلّس التركية إلى مدينة حلب جاهز، مشيرًا إلى أن تركيا بدأت بالفعل تزويد شمال سوريا بنحو 200 ميغاواط من الكهرباء، إلى جانب الاستعداد لبدء ضخ الغاز خلال 3 أشهر.

من جانبه، أكد وزير الطاقة السوري محمد البشير، في منشور على منصة “إكس”، الاتفاق مع تركيا على ضخ الغاز الطبيعي إلى سوريا، موضحًا أن ذلك سيسهم مباشرة في تحسين واقع الطاقة وزيادة ساعات تشغيل الكهرباء في سوريا، التي تعاني حاليًا فجوة حادة في الوقود اللازم لتوليد الطاقة.

احتياجات قطاع الكهرباء في سوريا

أوضح الوزير التركي أن الغاز المُصدّر سيُستعمل تحديدًا في محطة التوليد بحلب، التي تخضع حاليًا لعمليات صيانة وتطوير، ضمن جهود موسعة لإعادة تأهيل البنية التحتية الكهربائية السورية.

ولفت إلى أن الحكومة التركية ترى في هذه الخطوة مساهمة بإعادة الحياة إلى طبيعتها في سوريا، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة.

لكن، وعلى الرغم من الخطوة التركية، فإن المعطيات الرسمية تشير إلى أن حجم الاحتياجات اليومية من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء في سوريا يبلغ نحو 23 مليون متر مكعب، في حين لا يتوافر منها سوى 6 ملايين متر مكعب حاليًا.

وعلى ذلك، فإن الكمية التركية تغطي فقط جزءًا من العجز اليومي، خلال وقت لا تزال فيه البلاد بحاجة إلى دعم إضافي من مصادر متنوعة.

البنى التحتية لقطاع الكهرباء السوري

شهد قطاع الكهرباء في سوريا دمارًا واسعًا طيلة 13 عامًا من الحرب؛ ما تسبب في تعطل عدد كبير من المحطات وخطوط النقل، وتراجع الطاقة الإنتاجية إلى نحو 1700 ميغاواط فقط، من أصل 5000 ميغاواط ممكن توليدها في حال توفر الوقود اللازم، بحسب تصريحات مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء المهندس عمر البريجاوي.

وتُنفّذ المؤسسة خلال الوقت الحالي مجموعة من مشروعات الصيانة في عدة محطات رئيسة، من بينها المجموعة البخارية الرابعة في بانياس، والثالثة في الزارة، والخامسة بمحطة حلب، فضلًا عن المجموعة الغازية الثانية بمحطة الناصرية.

وتهدف هذه الإجراءات إلى زيادة الإنتاج تدريجيًا، لتلبية الطلب المتصاعد خلال الصيف المقبل.

كما كشف البريجاوي عن خطط مستقبلية تتضمن استكمال مشروعات كبرى مثل محطة توليد اللاذقية (526 ميغاواط) والمربع الثاني من محطة دير علي (750 ميغاواط)، إلى جانب إعادة تأهيل محطة توليد حلب (600 ميغاواط)، والتوسع ببناء محطات جديدة.

مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في سوريا المهندس عمر البريجاوي
مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في سوريا المهندس عمر البريجاوي – أرشيفية

منحة الغاز القطرية

رغم منحة الغاز القطرية التي تغطّي حاليًا مليوني متر مكعب يوميًا، فإن إجمالي المتوافر لا يزال أقل بكثير من المطلوب.

وتعتمد وزارة الطاقة السورية على مزيج من الغاز الطبيعي والفيول الثقيل، في وقت تشير فيه الإحصاءات إلى توفر 3000 طن فقط من أصل 7000 طن مطلوبة يوميًا من الفيول.

في هذا السياق، قال مدير مؤسسة النقل والتوزيع بوزارة الكهرباء السورية المهندس خالد أبودي، في حوار خاص أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة، إن منظومة التوليد تعتمد بصورة شبه كاملة على الوقود الأحفوري، في ظل استثمارات محدودة جدًا بقطاع الطاقة المتجددة.

كما أشار إلى أن الطاقة الكهرومائية تُشكّل نسبة صغيرة من مزيج الكهرباء، ولا يمكن التعويل عليها لتغطية العجز الحاصل.

المدیر العام لمؤسسة النقل والتوزیع بوزارة الكهرباء السورية المهندس خالد أبودي
المدير العام لمؤسسة النقل والتوزيع بوزارة الكهرباء السورية المهندس خالد أبودي

هل تغير تركيا المعادلة؟

الدعم التركي الأخير، وإن كان محدودًا قياسًا بحجم الاحتياجات الكلية، إلا أنه يحمل دلالات إستراتيجية تتجاوز مجرد تزويد سوريا بالغاز، فالربط الطاقوي عبر الحدود، وإن جاء بدوافع اقتصادية وإنسانية، قد يؤسس لتحولات سياسية مستقبلية في خريطة الإقليم.

ويبدو أن الكهرباء في سوريا بدأت تدخل مرحلة جديدة من التفاعلات الإقليمية، إذ تتحول من أزمة داخلية إلى ورقة تعاون أو تنافس محتملة بين الدول المجاورة.

قطاع الكهرباء في سوريا
جانب من محاولات إصلاح إحدى شبكات الكهرباء في اللاذقية – الصورة من وزارة الكهرباء

وبينما تسعى الحكومة السورية لإعادة تأهيل المحطات ورفع الإنتاجية إلى 4000 ميغاواط خلال العام المقبل، يظل نجاح هذا الهدف رهينًا بقدرتها على تأمين مصادر مستدامة للوقود، وتحديث البنى التحتية المنهكة.

وفي ظل الظروف الراهنة، تبقى الكهرباء في سوريا أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطات الجديدة، والمجتمع الدولي على حد سواء، في جهود إعادة الإعمار، وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي للسكان.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إقرأ: قطاع الكهرباء في سوريا يتلقى دعمًا جديدًا.. هل تُغير تركيا المشهد المأزوم؟ (تقرير) على منصة الطاقة