Categories
Uncategorized

قازاخستان تعتزم زيادة إنتاج النفط في 2025.. هل تلتزم بقيود أوبك+؟ (مقال)

تعتزم قازاخستان زيادة نوعية في إنتاجها النفطي في عام 2025، اعتمادًا على الموارد الهائلة لحقل تنغيز العملاق.

وتهيمن الحقول الرئيسة، بما في ذلك تنغيز وكاشاغان وكاراشاغاناك، على صناعة النفط في البلاد، حيث يمثّل حقل تنغيز معظم إنتاج النفط في البلاد.

وتعتزم قازاخستان زيادة إنتاجها النفطي من 87.56 مليون طن في عام 2024 إلى 96.2 مليون طن في عام 2025.

ويُعدّ “مشروع النمو المستقبلي” (FGP) الذي تبلغ تكلفته 48 مليار دولار في حقل تنغيز، ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج بمقدار 260 ألف برميل يوميًا عند وصوله إلى قدرته الكاملة، مسؤولًا إلى حدّ كبير عن هذه القفزة.

أهداف إنتاج النفط القازاخستاني الطموحة

تدعو خطة قازاخستان طويلة الأجل إلى إيجاد توازن بين أهداف إنتاجها النفطي الطموحة والتزاماتها تجاه تحالف أوبك+.

وأثبتت البلاد قدرتها على التكيف في تعديل توقعات الإنتاج استجابة لقرارات أوبك+ والتغيرات في السوق العالمية.

لدعم إنتاجها النفطي المتوسع، تركّز قازاخستان على تحسين البنية التحتية وتنويع طرق التصدير بالإضافة إلى زيادة الإنتاج.

وتهدف هذه المبادرات إلى إبقاء قازاخستان منتجًا رئيسًا للنفط في العقود المقبلة. وتوجد مشكلة في خطط البلاد لزيادة الإنتاج في حقل تنغيز.

وقد تتعارض التزامات قازاخستان بقرارات أوبك+ وتقييد الإنتاج والحفاظ على أسعار النفط مستقرة مع ارتفاع الإنتاج، ومع اكتمال “مشروع النمو المستقبلي” FGP، حققت شركة تنغيز شيفر أويل Tengizchevroil LLP (TCO) -وهي مشروع مشترك برئاسة شيفرون الأميركية (Chevron)- إنجازًا جديرًا بالملاحظة.

ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج حقل تنغيز بنحو 12 مليون طن سنويًا بسبب المشروع، ما يدعم بشكل كبير إيرادات قازاخستان من الطاقة.

وفي الوقت نفسه، قد يجعل هذا النمو من الصعب على قازاخستان الالتزام بقيود إنتاج أوبك+، ما قد يتسبب في اضطرابات جيوسياسية.

إنتاج أوبك+

وللتغلب على هذه العقبة، يتعين على قازاخستان أن تتعاون بعناية مع أوبك+، وأن تعدّل سياستها في مجال الطاقة، وتحافظ على التوازن بين التعهدات السياسية والحوافز التجارية لمنع الاضطرابات في أسواق النفط العالمية.

وعند التشغيل بالقدرة الكاملة، من المتوقع أن يسهم مشروع الغاز في حقل تنغيز النفطي بنحو 260 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، ما يزيد بشكل كبير من إنتاج قازاخستان من النفط الخام.

وبحلول منتصف عام 2025، سيرتفع إجمالي إنتاج تنغيز إلى نحو مليون برميل يوميًا، ما يعزز مكانة قازاخستان بصفتها منتجًا كبيرًا للنفط.

وتتوقع “شركة تنغيز شيفر أويل” إنتاج نحو 40 مليون طن من النفط الخام سنويًا، عندما تعمل جميع مرافق حقل تنغيز بكامل قدرتها.

وعلى الرغم من أن هذه فرصة اقتصادية كبيرة من شأنها أن تزيد من إمكانات التصدير وإيرادات الدولة، فإنها تثير تساؤلات حول قدرة قازاخستان على التحكم في هذا الارتفاع، في الإطار الأوسع لاتفاقيات توريد النفط الدولية واستقرار السوق.

في المقابل، تواجه قازاخستان صعوبات في موازنة هذا التوسع، مع التزاماتها تجاه أوبك+، على الرغم من المزايا الاقتصادية.

وقد التزمت قازاخستان بتقييد إنتاجها النفطي من أجل تعزيز استقرار الأسعار العالمية بصفتها عضوًا في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

وبسبب زيادة إنتاج مشروع الغاز، قد تضطر الدولة إلى إجراء تخفيضات كبيرة في أماكن أخرى من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه أوبك+.

وقد يؤثّر عدم القيام بذلك في ديناميكيات السوق العالمية، ويؤدي إلى توتر العلاقات الدبلوماسية مع الدول المنتجة للنفط المهمة.

ولتقليل النزاعات وتعظيم فوائد زيادة قدرتها، قد تحتاج قازاخستان إلى إدارة هذه المصالح المتضاربة بعناية من خلال التفاوض على الإعفاءات أو تعديلات الإنتاج.

التأثير في سوق النفط العالمية

سيضيف التوسع في إنتاج حقل تنغيز المزيد من البراميل إلى سوق النفط العالمية، التي تتعامل مع توازن العرض والطلب الهش.

لذلك، يحذّر المحللون من أنه إذا استمر تباطؤ نمو الطلب العالمي، فقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تفاقم المخاوف بشأن العرض المفرط.

وبالنظر إلى تداول خام برنت عند نحو 79 دولارًا للبرميل، فإن المزيد من النفط القادم من قازاخستان قد يدفع الأسعار إلى الانخفاض، خصوصًا إذا لم يخفض أعضاء أوبك+ الآخرون الإنتاج بالقدر نفسه.

ويمكن أن تتفاقم هذه العواقب بسبب الغموض الاقتصادي، مثل التباطؤ المحتمل في الصين وأوروبا، ما قد يؤثّر في معنويات المستثمرين واستقرار الأسعار.

إضافة إلى ذلك، قد تتأثر خيارات الاستثمار الطويلة الأجل في مشروعات الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري بانخفاض أسعار النفط.

أسواق النفط في 2024

ويتعين على قازاخستان موازنة التزاماتها الدولية بعناية مع مصالحها الاقتصادية خلال التوسع في إنتاج حقل تنغيز.

وقد تؤدي زيادة الإنتاج إلى خلافات بين قازاخستان وشركائها في أوبك+ وتشجيع الضغوط لخفض تطلعاتها، حتى لو كان ذلك قد يزيد الأرباح ويجذب الاستثمار الأجنبي.

وسوف يتطلب الأمر مراقبة دقيقة للسوق وتخطيطًا ذكيًا للإنتاج ومناقشات دبلوماسية لتحقيق التوازن.

ولتعظيم فوائدها دون تعريض استقرار الأسعار العالمية للخطر، قد تحتاج قازاخستان إلى دراسة تغييرات تدريجية في الإنتاج أو التقدم بطلب للحصول على إعفاءات قصيرة الأجل داخل أوبك+.

دور مشروع إدارة ضغط رأس البئر

يُعدّ مشروع إدارة ضغط رأس البئر (WPMP) أحد العناصر الرئيسة لتحسين إنتاج حقل تنغيز.

ويهدف هذا المشروع، الذي اكتمل في عام 2024، إلى التعويض عن انخفاض ضغط الخزان وضمان استمرار تشغيل مرافق المعالجة بكامل قدرتها، التي تبلغ نحو 28 مليون طن سنويًا.

ويساعد المشروع حقل تنغيز على الحفاظ على مستويات الإنتاج، بالرغم من الانخفاضات الطبيعية في ضغط الخزان، من خلال تقليل ضغط رأس البئر، وزيادة الضغط في مرافق المعالجة، وتحويل محطات القياس من الضغط العالي إلى الضغط المنخفض، وتحسين إدارة الغاز الحامض.

إضافة إلى ذلك، يدعم مشروع إدارة ضغط رأس البئر مبادرات التوسع في “مشروع النمو المستقبلي” مع تعظيم أداء البنية التحتية الحالية.

من ناحية أخرى، نفّذ مشروع إدارة ضغط رأس البئر أنظمة طاقة جديدة بالاشتراك مع “مشروع النمو المستقبلي” ، مثل 4 خطوط ضغط كبيرة بسعة ضخ إضافية و5 مولّدات توربينية غازية من طراز “فريم 9” Frame 9.

ومن خلال تحسين كفاءة استخراج النفط، تساعد تحسينات البنية التحتية هذه حقل تنغيز على الاقتراب من هدفه اليومي المتمثل بمليون برميل.

حقل تنغيز النفطي
حقل تنغيز النفطي – الصورة من نيويورك تايمز

بدورها، تساعد التطورات التي ينجزها مشروع إدارة ضغط رأس البئر في معالجة الغاز الحامض وإعادة حقنه في الحفاظ على ضغط الخزان على المدى الطويل، ما يضمن استمرار الإنتاج وتحسين عملية استخراج الموارد.

ويدعم مشروع إدارة ضغط رأس البئر إستراتيجية الطاقة الشاملة في قازاخستان، ويعزز قدرتها على الحفاظ على مكانتها التنافسية في سوق النفط العالمية، من خلال دمج هذه التطورات التكنولوجية.

الاعتبارات الإستراتيجية: خط أنابيب النفط عبر بحر قزوين

وسط تطلُّع البلاد إلى تنويع طرق التصدير وتقليل الاعتماد على الطرق التقليدية، ما يزال اهتمام قازاخستان ببناء خط أنابيب النفط عبر بحر قزوين إلى باكو يشكّل مصدر قلق كبيرًا.

رغم ذلك، تشير القدرة الحالية لخطّ أنابيب باكو-تبليسي-جيهان (BTC) إلى أنه قد لا تكون هناك حاجة ملحّة إلى مزيد من البنية التحتية في الوقت الحالي.

ويستعمل خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، الذي يعمل منذ عام 2006، عوامل تقليل السحب (DRAs) لتحقيق سعة إنتاجية تبلغ 1.2 مليون برميل يوميًا، أو نحو 60 مليون طن سنويًا.

تجدر الإشارة إلى أن قازاخستان شحنت أكثر من مليون طن بقليل عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان في عام 2023، ما يشير إلى أن خط الأنابيب ما يزال غير مستغَل بالكامل.

وفي السنوات المقبلة، تعتزم قازاخستان زيادة صادراتها من خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان من 1.5 مليون طن في عام 2024 إلى 20 مليون طن سنويًا.

وما يزال هناك مجال لقازاخستان لزيادة الصادرات ضمن البنية التحتية الحالية، لأن خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان سيظل يعمل بأقل من قدرته القصوى حتى عند هذه المستويات.

وتتضاءل الحاجة إلى طريق جديد عبر بحر قزوين من خلال العديد من البدائل التصديرية، بما في ذلك خط أنابيب باكو-نوفوروسيسك وتحالف خط أنابيب بحر قزوين.

ويُعدّ تحالف خط أنابيب بحر قزوين CPC طريق التصدير الرئيس والأكثر اقتصادا لقازاخستان، ولهذا السبب يختاره العديد من منتجي النفط.

من ناحية ثانية، قد يكون خط أنابيب عبر بحر قزوين استثمارًا جيدًا طويل الأجل، بسبب الاعتبارات الجيوسياسية.

خط أنابيب عبر بحر قزوين
خط أنابيب عبر بحر قزوين – الصورة من صحيفة ديلي صباح التركية

قد يزداد الاهتمام بالبنية التحتية الجديدة بسبب هدف قازاخستان لتحسين أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على طرق العبور التي تسيطر عليها روسيا.

وقد يصبح خط الأنابيب أداة مهمة لتعزيز استقلالية قازاخستان في تصدير الطاقة وتنمية مكانتها في أسواق النفط الدولية، مع تغير الديناميكيات الإقليمية.

الخلاصة

في إطار السعي لتحقيق أهداف تحول الطاقة، يشكّل تطوير حقل تنغيز رهانًا رئيسًا على مستقبل إنتاج النفط.

ورغم أنه يوفر لشركة شيفرون وقازاخستان فوائد اقتصادية كبيرة في الأمدين القريب والمتوسط، فإن جدواه على المدى الطويل سوف تعتمد على وتيرة التحول إلى مصادر طاقة أنظف وأنماط الطلب العالمي على الطاقة.

بالمثل، ورغم أن اكتمال المشروع يمثّل تقدمًا كبيرًا في تطوير حقول النفط، فمن غير الواضح كيف سيؤثّر في أسواق الطاقة العالمية وأهداف المناخ في المستقبل.

وسوف تضطر قازاخستان في نهاية المطاف إلى التعامل مع الصعوبات المتمثلة في الاستمرار بزيادة إنتاج النفط، مع الوفاء بالتزاماتها الدولية والتكيف مع الديناميكيات المتغيرة لسوق الطاقة.

ورغم أن التطوير يضمن مكانة قازاخستان بصناعة النفط في المستقبل المنظور، فإنه يثير تساؤلًا حول طريقة تمكُّن البلاد من موازنة اعتمادها على الهيدروكربونات مع الجهود الدولية للحدّ من انبعاثات الكربون.

وقد تحتاج قازاخستان إلى تكثيف الجهود لتنويع اقتصادها والاستثمار في خيارات الطاقة النظيفة إذا انخفض الطلب على النفط بسرعة أكبر من المتوقع.

في نهاية المطاف، ورغم أن تطوير حقل تنغيز يشكّل نقطة تحول مهمة، فإن التغيرات المتسارعة في مشهد الطاقة سوف تحدّد آثاره طويلة الأجل في اقتصاد قازاخستان وأسواق الطاقة العالمية.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: قازاخستان تعتزم زيادة إنتاج النفط في 2025.. هل تلتزم بقيود أوبك+؟ (مقال) على منصة الطاقة