عودة تعدين الليثيوم في فرنسا بعد عقود من التوقف (تقرير)
يعود تعدين الليثيوم في فرنسا للواجهة بعد تعليق أنشطته عقودًا من الزمن، بهدف الاستفادة من الموارد المحلية وتعزيز تحول الطاقة والحدّ من الهيمنة الصينية.
يأتي ذلك بعد إعلان وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، العام الماضي، خططًا لتسريع مشروعات الليثيوم والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها من مشروعات الطاقة الخضراء في البلاد، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وكان إعلان برونو لو مير، ودعوته للاستفادة من “نقط القوة في البلاد”، جزءًا من التحول الوطني لإعادة تصنيع الليثيوم في فرنسا، وعناصر التعدين الأخرى، لتعظيم الإمكانات الاقتصادية لتحوّل الطاقة.
ويستعد نشاط التعدين في فرنسا للنهوض مجددًا، مدعومًا بإرادة سياسية جديدة وأهداف خضراء، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الاتحاد الأوروبي.
انخفاض أسعار كربونات الليثيوم
تأمل مجموعة من مشروعات الليثيوم الجديدة تحدّي انخفاض الأسعار الحالي، حيث انخفضت أسعار كربونات الليثيوم بأكثر من 80% طوال عام 2023 وحتى عام 2024، لتوفير ثلثي احتياجات فرنسا من بطاريات السيارات الكهربائية بحلول عام 2035.
وتعمل شركة “إيميريس” (Imerys) الفرنسية المتعددة الجنسيات على تطوير أحد أكبر مشروعات الليثيوم في فرنسا، وهو مشروع “إيميلي” (EMILI)، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويتطلع المشروع الموجود في بلدية بوفوار وسط فرنسا، حيث اكتُشِف الليثيوم لأول مرة في الستينيات، إلى إنتاج ما يكفي من الليثيوم سنويًا، على مدار 25 عامًا، لتشغيل 700 ألف سيارة كهربائية.
ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2028، حيث يخضع المشروع حاليًا لاستشارة عامة، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.
المحاليل الملحية الحرارية الأرضية
تركّز شركات التعدين الأخرى على استخراج الليثيوم في فرنسا من المحاليل الملحية الحرارية الأرضية.
وتعمل شركة التعدين “إراميت” الفرنسية Eramet، التي تنشط في إندونيسيا والغابون والأرجنتين، على تطوير مشروع الليثيوم الحراري الأرضي “أجيلي” Ageli بالتعاون مع شركة كهرباء ستراسبورغ في جزء من منطقة الألزاس المعروفة باحتياطيات الليثيوم والطاقة الحرارية الأرضية.
وسيستعمل المشروع تقنية “إراميت” الحاصلة على براءة اختراع لاستخراج الليثيوم ومعالجته إلى كربونات الليثيوم في تصنيع البطاريات.
تجدر الإشارة إلى أن الشركة تستعمل هذه التقنية، حاليًا، في الأرجنتين.
وستُضخ الحرارة من الخزانات الحرارية الأرضية لتوفير الحرارة المحايدة كربونيًا للمنطقة، التي تستهدف الحكومة الوصول إليها بين 4 و5.2 تيراواط/ساعة قبل عام 2028.
وقال مدير المشروع لودوفيك دوناتي، إن مشروع أجيلي إستراتيجي لإعادة تموضع شركة “إراميت” من كونها مزوّدة للمعادن لصناعة الصلب إلى منتج مهيمن للمعادن الانتقالية للطاقة الأوروبية.
وتستهدف الشركة إنتاج أكثر من 10 آلاف طن من كربونات الليثيوم سنويًا في غضون 5 سنوات.
مشروعات تعدين الليثيوم في فرنسا
تنشأ مشروعات تعدين الليثيوم في فرنسا بسبب التحول السياسي هناك.
ويشمل ذلك خطة فرنسا 2030، وهي خطة استثمارية وطنية، تبلغ قيمتها 34 مليار يورو (36 مليار دولار)، والإستراتيجية الوطنية للكربون المنخفض (2020)، وإصلاح قانون التعدين (ساري المفعول منذ يوليو/تموز الماضي).
بالإضافة إلى ذلك، يهدف قانون المواد الخام الحيوية للاتحاد الأوروبي (CRMA)، الذي صدر في 23 مايو/أيار الماضي، إلى تنويع إمدادات المعادن اللازمة لـ “التحولات الخضراء والرقمية” في أوروبا.
وقد حدّد قانون المواد الخام الحيوية CRMA معيارًا الاتحاد الأوروبي لتوريد ما لا يقلّ عن 10% من المعادن الحيوية المطلوبة محليًا، مثل الليثيوم والنحاس والكوبالت، بحلول عام 2030.
وينصّ القانون على أن 40% من استهلاك الاتحاد الأوروبي السنوي للمعادن الحيوية يجب معالجته داخل التكتل.
التحديات التي تواجه القبول العام في أوروبا
يُعدّ القبول العام لجميع مشروعات التعدين في مختلف أنحاء أوروبا موضوعًا مثيرًا للجدل.
على سبيل المثال، أشعل مشروع “إيميلي” EMILI نقاشًا وطنيًا، ليس فقط حول التطوير نفسه، ولكن حول التحرك نحو إعادة التصنيع في فرنسا، من خلال مصانع التعدين والبطاريات.
ويشير تقرير التعليقات العامة النهائي لمشروع “إيميلي” إلى تباين في وجهات النظر والثقافة، والفجوة بين رؤيتين ظهرتا للمناجم.
من ناحية، فإن نشاط التعدين “عتيق” وعفا عليه الزمن، وخطير ومُلوِّث.
ومن ناحية أخرى، فإن الابتكار التقني سيجعل التقدم ممكنًا، بهدف تقليل الأضرار البيئية.
دعم تحول الطاقة
يهدف توجه الاتحاد الأوروبي وفرنسا نحو الليثيوم إلى دعم تحول الطاقة والاستفادة منه، وإلى تخفيف الاعتماد المفرط -واحتكار هيمنة الصناعة المستقبلية- من جانب الصين، التي اتّهمتها الولايات المتحدة مؤخرًا بإغراق السوق لطرد المنافسين.
ويوجد في الصين أكبر معامل تكرير الليثيوم في العالم، حيث تمثّل 69.2% من الطاقة العالمية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى عكس أوروبا، توجد في الصين سلسلة قيمة راسخة لإنتاج البطاريات التنافسية من حيث التكلفة، وتمتلك البلاد 10% من احتياطيات الليثيوم العالمية مقارنة بـ 1.2% في أوروبا.
موضوعات متعلقة..
- حريق يلتهم 900 طن من بطاريات الليثيوم في فرنسا (فيديو)
- سوق الليثيوم العالمية تقارب 11 مليار دولار بحلول 2028
اقرأ أيضًا..
- الكهرباء في سوريا.. خطة من 3 مراحل قد تستغرق 10 سنوات (فيديو)
- صادرات سلطنة عمان من النفط في 2024 ترتفع 10%
- ارتفاع صادرات النفط العراقي في 2024.. ودولتان تستحوذان على 60%
المصادر..
إقرأ: عودة تعدين الليثيوم في فرنسا بعد عقود من التوقف (تقرير) على منصة الطاقة