Categories
Uncategorized

سد ميدوغ.. مشروع كهرومائي صيني يعيد رسم مستقبل الطاقة والتوازن الإقليمي

سد كهرومائي- أرشيفية

سولارابيك- بكين، الصين- 11 مايو 2025: أطلقت الصين مشروعًا ضخمًا لبناء سدّ يسمى “ميدوغ” في التبت يُتوقع أن يصبح أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في العالم. يأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى نقل الطاقة الخضراء وإزالة الكربون، مع تعزيز النمو الاقتصادي في المناطق النائية لسكان التبت. ولم يكن قرار إنشاء السد مفاجئًا، بل هو النتائج المتوقعة من خطة طويلة الأجل مدرجة ضمن الخطة الخمسية الصينية التي تُركز على الطاقة النظيفة وتطوير التقنيات الحديثة لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية.

يقع السد، المعروف باسم “ميدوغ” أو “موتو”، على نهر يارلونغ تسانغبو الذي ينبع من قلب التبت ويمتد عبر الهند وصولاً إلى بنغلاديش. يقع المشروع في مقاطعة ميدوغ بساحل التبت الجنوبي الشرقي، على الحدود المباشرة مع ولاية أروناتشال براديش الهندية. ورغم صعوبة الوصول واحتضان جبال الهيمالايا الشاهقة لهذه المنطقة، فإنها تتميز بإمكانات هائلة لتوليد الطاقة بفضل الجريان القوي للنهر ومستويات المياه المرتفعة، مما يضمن كفاءة عالية في توليد الكهرباء.

من المقرر أن تصل القدرة الإنتاجية للسد إلى 60 جيجاواط، مما يجعله يتفوق على سد الخوانق الثلاثة الذي تبلغ قدرته حوالي 22.5 جيجاواط، في حين يُعدّ المشروع واحدًا من أغلى مشاريع البنية التحتية للطاقة عالميًا؛ إذ تُقدّر تكلفته بحوالي 137 مليار دولار أمريكي. وتؤكد الحكومة الصينية أن هذا الاستثمار سيحقق فوائد طويلة الأجل من حيث الطاقة المتجددة، وتوفير فرص العمل، واستقرار نظام الطاقة الوطني.

سيستمر تنفيذ المشروع الذي ابتدأ في 2024 حتى عام 2033، مع توظيف أحدث التقنيات والدعم اللوجستي اللازم في ظل التضاريس القاسية، بمشاركة أبرز شركات البناء المملوكة للدولة. ولا يقتصر دور السد على توليد الطاقة النظيفة فحسب، بل يُعد أيضاً مشروعًا تجريبيًا للسيطرة على الفيضانات والري واستغلال الموارد الطبيعية في المناطق المرتفعة والنائية.

ومع ذلك، أثار هذا المشروع الضخم تساؤلات ومخاوف سياسية وبيئية، خاصةً من الدول التي تُعتبر روافد رئيسية لنهر يارلينغ تسانغبو مثل الهند وبنغلاديش. ففي ظل اعتماد ملايين السكان على مياه النهر للزراعة والمعيشة، حرّكت الهند مخاوفها من إمكانية التحكم الأحادي بتدفق المياه أو تغيير نظام تصريف النهر، خاصةً وأن موقع السد القريب من الحدود الهندية يضيف بُعدًا جيوسياسيًا حساساً في سياق التوترات الأخيرة بين البلدين.

من الناحية البيئية، يحذر الخبراء من المخاطر الجيولوجية التي قد يشكلها بناء سد ضخم في منطقة جبال الهيمالايا النشطة زلزالياً؛ فقد شهدت المنطقة زلزالاً قوة 6.8 درجة في أوائل عام 2025، مما أثار جدلاً حول سلامة السدود الكبيرة في مثل هذه الظروف. كما تُثير العملية مخاوف حول تأثيرها على النظام البيئي المحلي، خاصةً في ظل غياب خطة إسكان واضحة للمجتمعات المتأثرة والتأثير المحتمل على التنوع البيولوجي.

يُظهر بناء سدّ “ميدوغ” الطموح قدرة الصين على تنفيذ مشاريع بنية تحتية معقدة في المناطق النائية باستخدام تقنيات متطورة، مما يعكس مكانتها كرائدة في ثورة الطاقة النظيفة. وفي الوقت نفسه، يسلّط المشروع الضوء على ديناميكيات السيطرة على الموارد الطبيعية؛ إذ تتيح موقع الصين في مصبّ النهر لها التحكم بتدفق المياه، في حين تعتمد دول مثل الهند وبنغلاديش على السياسات القومية لجيرانها، مما قد يفضي إلى توترات إقليمية في حال غياب آليات توافق شفافة وعادلة.

كما يأتي هذا المشروع ضمن موجة عالمية لتطوير البنية التحتية للطاقة النظيفة؛ إذ تسعى دول مثل الهند والبرازيل وإثيوبيا إلى بناء سدود ضخمة كمصادر للطاقة المتجددة. ورغم التجارب السابقة التي أثبتت أن السدود العملاقة غالبًا ما تحمل تحديات اجتماعية وبيئية، فإن نجاح مثل هذه المشاريع يعتمد على تحقيق توازن دقيق بين المصالح الاقتصادية وحماية البيئة وحقوق المجتمعات المحلية.

وفي ظل الأبعاد الدبلوماسية الحساسة، قد يؤثر قرب السد من خط السيطرة الفعلي على الحدود الهندية في تصعيد التوترات بين بكين ونيودلهي، وهو ما يستدعي حواراً إقليمياً جاداً لمنع تفاقم النزاعات في منطقة آسيا والمحيط الهندي والهادئ.

ختامًا، يمثل مشروع سد “ميدوغ” مرحلة محورية في معادلة الطاقة والتنمية المستدامة، حيث تتشابك تحديات الطاقة وأزمة المناخ مع قضايا الأمن الإقليمي والدبلوماسية. ولن يُقاس نجاح هذا المشروع بكفاءة توليد الكهرباء فحسب، بل بمدى تحقيقه لتوازن يخدم المصالح الاقتصادية والبيئية ويحافظ على استقرار المنطقة على المدى الطويل.

تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..

المصدر: Modern Diplomacy

The post سد ميدوغ.. مشروع كهرومائي صيني يعيد رسم مستقبل الطاقة والتوازن الإقليمي appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by محمد الدحيات