تيسلا في خطر.. أنظمة القيادة الذاتية الصينية تسيطر على الأسواق (تقرير)
وجهت أنظمة القيادة الذاتية الصينية تهديدًا شديد اللهجة لهيمنة شركة تيسلا (Tesla) على سوق السيارات الكهربائية، استمرارًا للتراجع الملحوظ الذي تشهده شركة صناعة السيارات الأميركية.
ووفق تقرير حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تفوّقت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية، بقيادة شركة بي واي دي (BYD)، على تيسلا في المنافسة على إنتاج سيارات كهربائية بأسعار معقولة.
والآن، تنضم العديد من الشركات الصينية إلى المنافسة العالمية لإنتاج السيارات ذاتية القيادة.
وتُقدّم أنظمة مساعدة السائق اليوم ميزة تنافسية حاسمة في الصين -أكبر سوق للسيارات في العالم-، حيث تنخفض مبيعات تيسلا وسط حرب أسعار طويلة الأمد بين عشرات العلامات التجارية للسيارات الكهربائية المحلية.
وتُعد المنافسة المتزايدة من شركات السيارات الكهربائية الذكية الصينية من بين المشكلات الرئيسة التي تواجه الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، إيلون ماسك، بعد فترة عمل صعبة بوصفه مستشارًا لإدارة ترمب، وسط تراجع مبيعات سيارات الشركة الأميركية عالميًا.
وتزداد المخاطر بسبب تحدي الشركة في شهر يونيو/حزيران الجاري، إذ تخطط لإطلاق تجربة سيارة أجرة روبوتية تضم 10 أو 20 سيارة، بعد عقد من وعود ماسك غير المحققة بتقديم سيارات تيسلا ذاتية القيادة.
صناعة السيارات الكهربائية الذكية في الصين
أحدثت شركة “بي واي دي” هزة في صناعة السيارات الكهربائية الذكية لدى الصين في وقت سابق من العام الجاري (2025)، بتقديمها باقة مساعدة السائق “عين الإله” (God’s Eye) مجانًا، ما أدى إلى انخفاض سعر هذه التقنية التي تبيعها تيسلا بنحو 9 آلاف دولار في الصين.
ووفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، فالأمر لا يقتصر على “بي واي دي” فقط؛ إذ تقدم شركات السيارات والتكنولوجيا الصينية الأخرى سيارات كهربائية بأسعار معقولة مزودة بتقنية شبيهة بتقنية القيادة الذاتية الكاملة (FSD) التي تقدمها تيسلا، مقابل سعر زهيد نسبيًا.
على سبيل المثال، تقدم شركتا “ليب موتور” (Leapmotor) و”إكس بانغ” (Xpeng) الصينيتان أنظمة قادرة على القيادة على الطرق السريعة وفي المدن على متن مركبات بقيمة 20 ألف دولار.
وتسعى مجموعة من الشركات الصينية إلى الحصول على التقنية نفسها، وهو توجه تدعمه الحكومة الصينية.
وتُعدّ تكاليف أجهزة القيادة الذاتية المساعدة من “بي واي دي” أقل بكثير من تكاليف تيسلا، وفقًا لتحليلات أجرتها شركات تُعنى بتحليل المركبات لصالح شركات صناعة السيارات، نقلتها وكالة رويترز في تقريرها.
وتُظهر المقارنات أن تكاليف “بي واي دي” لشراء المكونات وبناء نظام مزود بالرادار والليدار تُقارب تكاليف نظام القيادة الذاتية الكاملة من تيسلا، الذي لا يحتوي على مثل هذه المستشعرات.
(يستعمل الليدار أشعة الليزر لقياس المسافات، في حين يعتمد الرادار على موجات الراديو)
وهذا يُضعف النهج التكنولوجي غير المعتاد لـ”تيسلا”، الذي يهدف إلى توفير التكاليف من خلال الاستغناء عن هذه المستشعرات والاعتماد فقط على الكاميرات والذكاء الاصطناعي.

نظام القيادة الذاتية من بي واي دي
وفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يُمكن لمشتري سيارات “بي واي دي” الحصول على نسخة من نظام “عين الإله” تُضاهي نظام القيادة الذاتية الكاملة بوصفها ميزة قياسية في السيارات التي يبلغ سعرها نحو 30 ألف دولار.
وفي المقابل، فإن أرخص سيارة تيسلا مُجهزة بنظام القيادة الذاتية في الصين هي موديل 3، التي تُباع بنحو 41 ألفًا و500 دولار، بحسب تقرير رويترز.
ووفقًا لتحليل أجرته شركة “إيه 2 ماك 1” الفرنسية (A2MAC1)، فإن نسخة “عين الإله” متوسطة المستوى، تعمل بشريحة حوسبة من شركة إنفيديا (Nvidia)، مع بيانات جُمعت من خلال 12 كاميرا، و5 رادارات، و12 مستشعرًا بالموجات فوق الصوتية، ومستشعر ليدار واحد، بتكلفة 2105 دولارات.
ويُقارن ذلك بسعر 2360 دولارًا بنظام القيادة الذاتية لـ”تيسلا”، الذي يستعمل كاميرات دون أجهزة استشعار وشريحتي ذكاء اصطناعي، وفقًا لتقديرات الشركة.
وتُقدّر شركة التقييم الفرنسية أن الكاميرات وأجهزة الرادار وأجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية أرخص بنسبة 40% في الصين من الأجهزة المماثلة في أوروبا والولايات المتحدة؛ وتُعد أجهزة استشعار الليدار أقل تكلفة بنحو 20%.
وبالتالي، فإن التخلف عن العلامات التجارية الصينية في مجال تكنولوجيا مساعدة السائق من شأنه أن يُفاقم تحديات تيسلا في الصين، حيث تفقد بالفعل حصتها السوقية لصالح منافسيها، بما في ذلك “بي واي دي”، التي تبيع سيارة كهربائية أساسية بأقل من 10 آلاف دولار.
كما أن تنامي حجم “بي واي دي” وغيرها من الشركات قد يُوفر ميزة تكنولوجية: إذ يُساعد قطع المزيد من الأميال على الطرق الصينية في تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي اللازمة لإتقان أنظمة القيادة الذاتية.

شركات صينية منافسة لـ”تيسلا”
يقول خبراء، إن هواوي هي شركة بارزة أخرى في مجال السيارات الكهربائية الذكية في الصين، التي تنافس تيسلا الأميركية على نطاق واسع.
وقال ممثلو هواوي، إن الشركة تعير تكنولوجيتها وعلامتها التجارية إلى نحو 6 شركات لصناعة السيارات، بما في ذلك شركات ضخمة مثل شيري (Chery) وسايك (SAIC) وشانغان (Changan)، ولديها شراكات أقل مستوى مع أكثر من 12 شركة أخرى لصناعة السيارات.
وكانت هواوي (Huawei) من بين العديد من الشركات الصينية، مثل شركات صناعة السيارات زيكر (Zeekr)، وشانغان، وإكس بنغ، التي روّجت للتقدم نحو السيارات الذاتية القيادة الكاملة في معرض شنغهاي للسيارات في أبريل/نيسان 2025.
وصرّحت هواوي بأنها مستعدة للخضوع لنظام تحقق جديد تُطوّره الجهات التنظيمية الصينية لاعتماد ما يُسمى أنظمة القيادة من المستوى الثالث، ما يعني أنها قادرة بما يكفي للسماح للسائقين بالنظر بعيدًا ما لم يُخطرهم النظام بالسيطرة عليها.
كما تخطط زيكر -وهي علامة تجارية فاخرة تابعة لشركة جيلي الصينية العملاقة للسيارات- لبيع سيارات مزوّدة بأنظمة المستوى الثالث قريبًا.
ومن جانبها، لم تُصدر تيسلا بعدُ نسخة “غير خاضعة للإشراف” من نظام القيادة الذاتية الكاملة، لأن تقنيتها تحتاج إلى مزيد من التدريب للعمل دون الحاجة إلى وضع السائق يديه على عجلة القيادة وعينيه على الطريق.
يُذكر أن المنافسة الصينية كانت أحد العوامل التي دفعت تيسلا إلى التحول الإستراتيجي بعيدًا عن السيارات الكهربائية في السوق الشاملة العام الماضي (2024)، عندما ألغت خططًا لبناء سيارة كهربائية جديدة تمامًا من المتوقع أن تكلف 25 ألف دولار.
منذ ذلك الحين، راهن إيلون ماسك على مستقبل تيسلا في سيارات الأجرة الروبوتية الذاتية القيادة، التي تُشكل آمالها الآن الغالبية العظمى من القيمة السوقية لأسهم شركة صناعة السيارات، والتي تبلغ نحو تريليون دولار.
والآن، تواجه تيسلا المنافسة الشديدة نفسها في مجال القيادة الذاتية من العديد من شركات صناعة السيارات الصينية نفسها التي تعمل على تقويض خططها للسيارات الكهربائية بأسعار معقولة.
ووفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، يستفيد منافسو تيسلا في الصين من الإعانات وغيرها من أشكال الدعم السياسي من بكين لتكنولوجيا القيادة المساعدة المتقدمة. كما تنبع مزاياهم من عامل مهم آخر: المنافسة الشرسة في مجال السيارات الكهربائية الذكية التي ميّزت صناعتهم على مدار العقد الماضي.
وقد أدى ازدهار السيارات الكهربائية الناتج عن ذلك إلى تحقيق وفورات الحجم، وميل الصناعة إلى التنازل عن بعض هوامش الربح؛ لتوسيع نطاق انتشار التقنيات الجديدة في السوق بسرعة، ما أدى إلى انخفاض تكاليف التصنيع.
موضوعات متعلقة..
- سيارات تيسلا ذاتية القيادة.. إيلون ماسك يتجه إلى الصين مجددًا
- الانحياز لتقنيات القيادة الذاتية قد يدفع تيسلا إلى الهاوية
- تيسلا تواجه دعاوى قانونية وانتقادات لنظام القيادة الذاتية في سياراتها (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- لماذا لم تنخفض أسعار النفط مع زيادة إنتاج أوبك+؟ أنس الحجي يكشف 5 أسباب
- قدرة تصدير الغاز المسال الجديدة قد تلامس 290 مليار متر مكعب سنويًا
- تأجيل انطلاق أكبر مشروع هيدروجين عربي.. والشركة تعلن السبب
- 4 دول عربية تعاني أزمة كهرباء.. ماذا عن المغرب والجزائر؟ (مقال)
المصدر:
إقرأ: تيسلا في خطر.. أنظمة القيادة الذاتية الصينية تسيطر على الأسواق (تقرير) على منصة الطاقة