Categories
Uncategorized

الوقود المستعمل في المفاعلات النووية.. 5 مراحل لمعالجته وإعادة تدويره

يُعدّ الوقود المستعمل في المفاعلات النووية من القضايا المحورية في قطاع الطاقة النووية، إذ يتطلب التعامل معه إجراءات دقيقة لضمان الأمان والاستدامة.

وتتمثل إحدى المزايا الأساسية للطاقة النووية في قدرتها على توليد الكهرباء دون انبعاثات كربونية، ولكنها تنتج أيضًا نفايات نووية تتطلب إدارة متقدمة، تشمل هذه النفايات الوقود المستعمل، الذي يحتوي على عناصر مشعّة قد تكون خطرة، إذا لم تُعالج بشكل صحيح.

ولهذا السبب، يُبرّد الوقود المستعمل في المفاعلات النووية أولًا في أحواض مائية مصممة لحجب الإشعاعات، قبل نقله إلى حاويات تخزين طويلة الأمد.

ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الوقود المستعمل هو المادة التي تبقى بعد استهلاك الوقود النووي لإنتاج الكهرباء، ويظل مشعًّا لمدد طويلة.

وعلى الرغم من أنه يستعمل في المفاعل لمدة 5 أعوام تقريبًا، فإن جزءًا كبيرًا من طاقته ما يزال غير مستغلّ، ما يفتح الباب أمام إمكان إعادة تدويره لاستعماله مرة أخرى.

وما تزال قضية إدارة الوقود المستعمل في المفاعلات النووية مثار جدل عالمي، إذ تتبنى بعض الدول سياسات إعادة التدوير، بينما تعتمد دول أخرى على التخزين طويل الأمد.

وتعدّ فرنسا وروسيا والصين من بين الدول التي تطبق إستراتيجيات متقدمة في معالجة الوقود النووي المستعمل، بينما لم تتبنَّ الولايات المتحدة حتى الآن برامج لإعادة التدوير، رغم وجود أبحاث لتطوير مفاعلات متقدمة يمكنها تشغيل الوقود المستعمل مباشرة.

معالجة الوقود النووي المستعمل

تعدّ معالجة الوقود النووي المستعمل خطوة أساسية في استغلال الطاقة المتبقية في اليورانيوم والبلوتونيوم المستخرج من الوقود المستهلك.

وتعتمد هذه العملية على فصل المواد القابلة لإعادة الاستعمال عن النفايات المشعّة، وهو ما يقلل من كمية المخلّفات عالية الإشعاع، ويسهم في دورة وقود مستدامة، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتمثل الطريقة الأكثر شيوعًا لإعادة المعالجة في عملية “PUREX”، وهي تقنية تعتمد على المعالجة الكيميائية لفصل البلوتونيوم واليورانيوم عن باقي العناصر المشعّة.

منشأة لتخزين الوقود المستعمل في المفاعلات النووية
منشأة لتخزين الوقود المستعمل في المفاعلات النووية – الصورة من موقع الرابطة النووية العالمية

ويُعاد استعمال البلوتونيوم المستخرج في تصنيع وقود “MOX”، وهو مزيج من أكسيد اليورانيوم وأكسيد البلوتونيوم، بينما يمكن تخصيب اليورانيوم المستعاد واستعماله مجددًا في المفاعلات.

وهناك أيضًا تقنيات متطورة قيد التطوير تعتمد على مفاعلات النيوترونات السريعة، التي تستطيع حرق الأكتينيدات طويلة العمر جميعها، ما يقلل من الحاجة إلى التخلص النهائي من النفايات المشعّة.

كما توفر هذه التقنيات إمكان الاستفادة من المخزون الهائل من اليورانيوم المنضب الناتج عن عمليات التخصيب، الذي بلغ نحو 1.2 مليون طن، حتى نهاية 2018.

تحديات إعادة التدوير

تتيح إعادة تدوير الوقود المستعمل العديد من الفوائد، من بينها:

  • زيادة كفاءة استعمال الموارد النووية: يمكن استخلاص ما بين 25-30% من الطاقة الإضافية من اليورانيوم الأصلي عند إعادة تدوير الوقود المستعمل في المفاعلات النووية.
  • تقليل حجم النفايات عالية الإشعاع: تقلل إعادة المعالجة كمية النفايات المطلوب تخزينها بنسبة تصل إلى 80%.
  • تحسين أمن الطاقة: من خلال إعادة استعمال الموارد المتاحة وتقليل الحاجة إلى استخراج اليورانيوم الطبيعي.
  • خفض النشاط الإشعاعي طويل الأمد: إذ إن النفايات الناتجة عن إعادة المعالجة تتطلب أوقات تخزين أقصر مقارنة بالوقود المستعمل غير المعالج.

ومع ذلك، تواجه عمليات إعادة التدوير تحديات كبيرة، من بينها:

  1. التكلفة العالية: تعدّ إعادة المعالجة عملية مكلفة مقارنة بالتخلص المباشر من الوقود المستعمل.
  2. المخاطر الأمنية: نظرًا لأن البلوتونيوم المستعاد يمكن استعماله في تصنيع الأسلحة النووية، فإن بعض الدول تفضّل عدم إعادة معالجته لتجنُّب مخاطر الانتشار النووي.
  3. التعقيدات التكنولوجية: تتطلب إعادة المعالجة منشآت متقدمة وتقنيات متطورة لضمان الأمان والكفاءة.

بلغ إجمالي الوقود المستعمل الذي تمّ تفريغه من المفاعلات التجارية نحو 400 ألف طن، لكن نحو 30% فقط منه خضع لإعادة المعالجة حتى الآن.

تخزين البراميل الجافة في فيرمونت يانكي بالولايات المتحدة الأميركية
تخزين البراميل الجافة في فيرمونت يانكي بالولايات المتحدة الأميركية – الصورة من موقع الرابطة النووية العالمية

وتتصدر فرنسا المشهد بقدرة معالجة تصل إلى 1700 طن سنويًا في منشأة “لاهاي”، تليها روسيا بقدرة 400 طن سنويًا، بينما تخطط اليابان لزيادة قدرتها إلى 800 طن سنويًا مع بدء تشغيل محطة “روكاشو-مورا”.

أمّا في المملكة المتحدة، فقد أُعيدت معالجة أكثر من 16 ألف طن من وقود “ماجنوكس”، بينما أعادت دول مثل ألمانيا وفرنسا وسويسرا تدوير أكثر من 8 آلاف طن من الوقود المستعمل في محطات الطاقة النووية، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي روسيا، يُستعمل اليورانيوم المعادة معالجته في تصنيع جميع أنواع وقود مفاعلات “RBMK”، إذ أعيد تدوير أكثر من 2500 طن حتى الآن.

مستقبل الوقود المستعمل في المفاعلات النووية

مع تطور التكنولوجيا النووية، يُتوقع أن تشهد معالجة الوقود المستعمل في المفاعلات النووية تطورات كبيرة، ولا سيما مع دخول مفاعلات الجيل الرابع حيز التشغيل.

وتتميز هذه المفاعلات بقدرتها على استعمال الوقود المستعمل مباشرة، دون الحاجة إلى إعادة المعالجة الكيميائية التقليدية، ما يقلل من إنتاج النفايات ويزيد من كفاءة دورة الوقود.

تحميل برميل لتخزين الوقود النووي المستعمل
تحميل برميل لتخزين الوقود النووي المستعمل – الصورة من موقع الرابطة النووية العالمية

كما أن الاتجاه نحو استعادة جميع الأكتينيدات طويلة العمر معًا، بدلًا من فصل البلوتونيوم وحده، يعزز مقاومة دورة الوقود للانتشار النووي، وهو أمر مهم لضمان الاستعمال السلمي للطاقة النووية.

الخلاصة..

تُمثّل معالجة الوقود النووي المستعمل تحديًا وفرصة في آنٍ واحد، إذ تتيح إمكان تحسين كفاءة الطاقة النووية وتقليل المخلّفات المشعّة، لكنها تتطلب استثمارات ضخمة وتقنيات متطورة.

وبينما تتبنّى بعض الدول سياسات إعادة التدوير لتقليل اعتمادها على اليورانيوم الطبيعي، ما تزال دول أخرى تعتمد على التخزين طويل الأمد بوصفه خيارًا رئيسًا.

ومع التقدم في أبحاث المفاعلات المتقدمة، قد يصبح الوقود المستعمل في المفاعلات النووية موردًا قيّمًا أكثر من كونه مشكلة تحتاج إلى حلّ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

  1. التعامل الآمن مع الوقود المستعمل في المفاعلات النووية من موقع معهد الطاقة النووية.
  2. كيفية معالجة الوقود النووي المستعمل من موقع الرابطة النووية العالمية.

إقرأ: الوقود المستعمل في المفاعلات النووية.. 5 مراحل لمعالجته وإعادة تدويره على منصة الطاقة