الهيدروجين النظيف.. 3 أسباب وراء تغيير داعميه مواقفهم (تقرير)
غيّر العديد من المتحمسين السابقين للهيدروجين النظيف مواقفهم بسبب ارتفاع تكلفته وتراجع الطلب عليه وتقلّبات السوق.
في عام 2021، تنبّأ الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك الأميركية (BlackRock)، بأن الشركات الناشئة المقبلة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار لن تكون شركات إعلامية أو محركات بحث، بل شركات تُطوّر “الهيدروجين الأخضر، والزراعة الخضراء، والصلب الأخضر، والأسمنت الأخضر”.
وبعد 4 سنوات، غيّر لاري فينك موقفه، حسبما صرّح في مؤتمر “سيرا ويك” لقادة النفط والغاز الذي ترعاه وكالة إس آند بي غلوبال “S&P Global” في ولاية تكساس، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وقال فينك لجمهور من المديرين التنفيذيين في قطاع النفط والغاز في هيوستن الأسبوع الماضي: “الجميع يتحدث عن فرصة الهيدروجين”، مشيرًا إلى أنه “يمكننا الحصول على الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق، ولكن هل من أحد مستعد لدفع التكلفة؟”.
الاستياء من آفاق الهيدروجين النظيف
أعرب متحدثون آخرون في مؤتمر “سيرا ويك” عن استيائهم من آفاق الهيدروجين النظيف، وهو غاز يمكن أن يحل محل الوقود الأحفوري في قطاعات يصعب تنظيفها بطرق أخرى، مثل الشحن والطيران والكيماويات والصلب والأسمنت.
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية (Saudi Aramco)، المهندس أمين الناصر، إلى ارتفاع تكلفة الهيدروجين الأخضر مقارنةً بالوقود الأحفوري، بوصفه دليلًا على “وهم شائع بأن التقنيات المهمة لتحول الطاقة ذات تكاليف تنافسية، ويجري العمل على اعتمادها واستعمالها ونشرها بوتيرة سريعة”.
وقال الناصر: “كان الكثيرون يهدفون إلى تحقيق دولار واحد للكيلوغرام من الهيدروجين النظيف (الأخضر) بحلول عام 2030″، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

في المقابل، فإن “تكاليف الإنتاج وحدها تتراوح حاليًا بين 4 دولارات و12 دولارًا للكيلوغرام تقريبًا”، مقارنًا أرقام وكالة الطاقة الدولية (IEA) حول التكلفة الحالية بالتكلفة المستهدفة لإدارة بايدن لعام 2030.
بدورهم، أقرّ بائعو الهيدروجين النظيف بتراجع هذا التوجه، وصرّح نائب رئيس الطاقة النظيفة العالمية لدى شركة لينده (Linde) متعددة الجنسيات للغازات الصناعية، ديفيد بيرنز، بأن هناك الآن “شعورًا أكبر بالواقعية، ونهجًا عمليًا أكثر تجاه ما سينجح”.
وأضاف أن المشروعات المجدية التي “تلبّي رغبة العملاء في الدفع في مختلف القطاعات” ما تزال تتقدم.
تكلفة الهيدروجين الأخضر
يُعد إنتاج الهيدروجين الأخضر -المُنتَج باستعمال الطاقة المتجددة- أغلى بما يتراوح بين 1.5 و6 مرات من الطريقة التقليدية، الأكثر شيوعًا وتلويثًا، لإنتاجه باستعمال الوقود الأحفوري، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وقد تغيّر هذا الوضع، لأن سعر الغاز الأحفوري قد يرتفع، أو قد يؤدي تسعير الكربون إلى زيادة تكلفة الهيدروجين المُنتَج من الوقود الأحفوري.
وفي الوقت نفسه، قد يؤدي النشر واسع النطاق للهيدروجين الأخضر إلى خفض تكلفة الكيلوغرام من 4 إلى 12 دولارًا التي ذكرها رئيس أرامكو السعودية، أمين الناصر، إلى 2 إلى 9 دولارات بحلول عام 2030.
وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أنه قد ينخفض أكثر في أجزاء من الصين، حيث تلتقي الطاقة الشمسية الوفيرة بأجهزة التحليل الكهربائي الأرخص، وهي المعدات التي تُحوّل الماء إلى هيدروجين.
وقالت الوكالة في أحدث مراجعة عالمية لها للهيدروجين: “سيعتمد تطور التكلفة في المستقبل على عوامل عديدة، مثل تطوير التكنولوجيا، خصوصًا على مستوى النشر ووتيرته”.
وحسبما أشار الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، لاري فينك، تُشكّل الأسعار المرتفعة عائقًا أمام نشر الهيدروجين الأخضر.
فقد ألغت شركات مثل بي بي (BP) وأورستد (Ørsted) أو أجّلت مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في الأشهر الأخيرة، مُتعللةً بضعف الوضع الاقتصادي.

الحكومات تعزز الطلب على الهيدروجين
تدخلت بعض الحكومات لمحاولة زيادة الطلب على الهيدروجين، فعلى سبيل المثال، وضع الاتحاد الأوروبي شرطًا يقضي بأن تُشكل أنواع الوقود الاصطناعي، بما في ذلك تلك القائمة على الهيدروجين الأخضر، 1.2% من إجمالي وقود الطائرات في مطاراته بحلول عام 2030، و35% بحلول عام 2050.
ويطبّق الاتحاد الأوروبي تدابير مماثلة في قطاع الشحن، في حين يهدف برنامج حكومي ألماني إلى تغطية التكلفة الإضافية لشراء الهيدروجين النظيف في صناعات مثل الصلب والأسمنت والورق والزجاج، إذ لا يُشكل ذلك مخاطرة مالية.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن هذه السياسات قد ساعدت، لكن “النطاق العام لهذه الجهود ما يزال غير كافٍ لمساهمة الهيدروجين في تحقيق أهداف المناخ”.
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عدّل المحللون المقيمون في باريس توقعاتهم للطلب على الهيدروجين لعام 2030 بانخفاض قدره الخُمس تقريبًا مقارنة بالعام السابق.
موضوعات متعلقة..
- توقعات متشائمة بشأن الطلب على الهيدروجين النظيف
- أكبر الدول العربية في مستهدفات إنتاج الهيدروجين النظيف (تقرير)
- مستقبل الهيدروجين النظيف “محل شك”.. هل يواصل المطورون المخاطرة؟
اقرأ أيضًا..
- الطلب العالمي على الطاقة يرتفع 2.2% في 2024.. وهذه حصة النفط
- امتياز غرب الدلتا يضيف 320 مليون قدم مكعبة لإنتاج مصر من الغاز
- أمن الطاقة في أفريقيا.. الوقود الأحفوري والمصادر المتجددة يلبيان احتياجات القارة (تقرير)
المصادر:
إقرأ: الهيدروجين النظيف.. 3 أسباب وراء تغيير داعميه مواقفهم (تقرير) على منصة الطاقة