الطاقة الشمسية في العراق.. انطلاق القرى المستدامة وخطط توسع حكومية
تخطو الطاقة الشمسية في العراق خطوات متسارعة نحو إرساء بنى تحتية مستدامة، في وقت يواجه فيه البلد أزمة كهرباء مزمنة تتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الطلب.
وفي ظل محدودية الوقود المخصّص لمحطات التوليد، برزت الطاقة المتجددة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، بوصفها مخرجًا حيويًا ومستدامًا.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شهد الأسبوع الحالي إطلاق أول مجتمع سكني مستقل بالكامل يعمل بالطاقة الشمسية في العراق، بالتوازي مع افتتاح محطة طاقة شمسية في القصر الحكومي بالعاصمة بغداد، في خطوة تؤسّس لتوسيع استعمالات الطاقة النظيفة على نطاقَيْن شعبي ورسمي.
وتأتي هذه التحركات في سياق خطط حكومية ومجتمعية، تسعى إلى تنويع مزيج الكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية، التي تعاني من اختناقات مزمنة، واستهلاك حكومي يصل إلى نحو 30% من إنتاج الكهرباء في البلاد.
ورغم أن القدرة الإجمالية للطاقة الشمسية في العراق لم تتجاوز 42 ميغاواط حتى نهاية عام 2024، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، فإن المؤشرات تشير إلى تصاعد في الوتيرة التنموية لمشروعات الطاقة المتجددة، مع أهداف رسمية تصل إلى إنتاج 12 ألف ميغاواط بحلول نهاية العقد الجاري.
أول قرية شمسية مستقلة في العراق
في سابقة نوعية، افتتحت مؤسسة روانغا، وهي منظمة غير ربحية مقرها أربيل، أول قرية تعمل بالكامل بالطاقة الشمسية في العراق.
وتقع قرية كولاك الشمسية في قضاء حرير بإقليم كردستان، وتضم 195 لوحًا شمسيًا، إذ تُغذّي 36 منزلًا، إلى جانب مسجد، ومدرسة، وقاعة مجتمعية.
ويُعد هذا المشروع نموذجًا عمليًا لما يمكن أن تتيحه الطاقة الشمسية في العراق من حلول حقيقية للمجتمعات الريفية.

وتهدف روانغا إلى تكرار التجربة في مناطق أخرى من كردستان ووسط البلاد، بحلول نهاية العقد، بالشراكة مع السلطات الإقليمية ومنظمات دولية، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتطمح المؤسسة -أيضًا- إلى تطوير برامج تدريبية في الزراعة التجديدية، ودمج تقنيات الري بالطاقة الشمسية مستقبلًا، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات بيئية متفاقمة، مثل الجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة، مما يجعل من استدامة الموارد أمرًا مُلحًا.
وقال مؤسس المؤسسة إدريس نيجيرفان بارزاني، إن رؤيتهم تتمثّل في نشر نموذج القرية المستدامة على نطاق وطني، وصولًا إلى اعتماد الطاقة النظيفة بصفتها قاعدة وليست استثناءً.
توسع في الأبنية الحكومية
بالتوازي مع المبادرات المجتمعية، أطلقت الحكومة العراقية مشروعًا لتحويل المباني الرسمية إلى منشآت صديقة للبيئة، بدأ بمحطة طاقة شمسية في القصر الحكومي بسعة 2 ميغاواط.
وافتُتح المشروع بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في تأكيد على التوجه الحكومي لتخفيف الضغط على المنظومة الوطنية.

ويُتوقّع أن تنتج التجربة الحكومية نحو 48.5 ميغاواط من الكهرباء من خلال منشآت وزارية تشمل الداخلية، والمالية، والنفط، والنقل، والتخطيط. كما تشمل المرحلة الأولى تحويل 6 آلاف مبنى حكومي إلى مبانٍ تعمل بالطاقة النظيفة، بينها 130 مدرسة ومستوصفًا، بالإضافة إلى 540 موقعًا جارٍ العمل عليها.
وأكد رئيس الفريق الوطني لمشروعات الطاقة المتجددة نصير كريم قاسم، أن المبادرات تتوزّع على مختلف المحافظات، وتمثّل خطوة إستراتيجية في خفض استهلاك الكهرباء الحكومية، وتحقيق كفاءة الطاقة.
مسارات إستراتيجية للطاقة الشمسية
وضعت وزارة الكهرباء 4 محاور رئيسة لتوسيع استعمال الطاقة الشمسية في العراق، تشمل التعاقد مع شركات دولية لبناء محطات كبيرة في البصرة، والسماوة، وبابل، وكربلاء وذي قار، بالإضافة إلى نشر المنظومات في المباني الحكومية.
كما أُطلقت منصة تمويلية بالتعاون مع البنك المركزي، تُتيح للمواطنين الحصول على قروض منخفضة الفائدة لاقتناء أنظمة طاقة شمسية، بفوائد تتراوح بين 0.5% و2.5%، على مدى 7 سنوات.
ويُراهن العراق على سطوع شمسي يتجاوز 16 ساعة يوميًا، ما يُتيح ظروفًا مثالية لتحويل هذه الطاقة إلى مصدر رئيس لتوليد الكهرباء، وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يواجه تحديات إمداد مستمرة.

مستقبل الطاقة الشمسية في العراق
رغم التطورات الأخيرة، فإن تحقيق التحول الشمسي في العراق يتطلّب التزامًا طويل الأمد، وسياسات داعمة للاستثمار، وتشريعات تسهّل دمج الطاقة المتجددة في المنظومة العامة.
لكن المؤشرات الأولية تؤكد أن الطاقة الشمسية في العراق بدأت تأخذ موقعها بوصفها أحد المحاور الرئيسة في إستراتيجية البلاد لمواجهة أزمة الكهرباء، وتوفير بيئة أكثر استدامة للأجيال القادمة.
موضوعات متعلقة..
- قروض الطاقة الشمسية في العراق.. رابط التقديم والخطوات الآن
- مشروعات الطاقة الشمسية في العراق تجذب 150 شركة
- الطاقة الشمسية في العراق قد تدعم منظومة الكهرباء بـ12 ألف ميغاواط
اقرأ أيضًا..
- إنتاج مصر من الغاز يهبط 2.7 مليار متر مكعب في 3 أشهر
- أدنوك الإماراتية توقع اتفاقية لتوريد 1.5 مليون طن فحم
- العراق يمنع سرقة المنتجات النفطية بمشروع ضخم.. وضبط 3 ملايين لتر خلال شهر
المصادر..
إقرأ: الطاقة الشمسية في العراق.. انطلاق القرى المستدامة وخطط توسع حكومية على منصة الطاقة