Categories
Uncategorized

الاستدامة على الطرقات .. محطات الشحن العامة ومستقبل النقل الكهربائي  

الاستدامة على الطرقات

أصبح التحول الكامل نحو المركبات الكهربائية في منطقتنا أقرب من أي وقت مضى، إذا بدأنا نرى العديد من النماذج والأمثلة لمدن في منطقتنا تبنت المركبات الكهربائية، للتطبيقات المختلفة، ويترافق هذا التبني السريع والمتزايد  للمركبات الكهربائية مع ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية ومحطات الشحن العامة، حتى تكتمل المعادلة ونضمن استدامة كهربة قطاع النقل.

في هذا اللقاء، استضاف فريق سولارابيك المهندس أحمد الحلواني ليستكمل الحديث عن المركبات الكهربائية وهذه المرة مع التركيز على محطات الشحن العامة والشواحن المستخدمة فيها وومقارنتها بتلك المستخدمة في المنازل. 

يمكنك الاطلاع على المقابلة السابقة حول الشواحن للقطاع المنزلي 

سؤالنا الأول.. ما الفرق بين محطات الشحن العامة والشواحن المنزلية من ناحية السرعة والتقنيات ؟ 

للإجابة على هذا السؤال، ولمعرفة كيف تختلف الشواحن المنزلية عن تلك المتوافرة في الأماكن العامة، لندرس أولاً أنواع المركبات الكهربائية و إمكانيات الشحن لكلّ منها، فمثلاً  لدينا المركبات الكهربائية الهجينة المعتمدة على البنزين والكهرباء والسيارات الكهربائية بالكامل مع البطاريات.  

ولنبدأ بالسيارات الكهربائية الهجينة، في هذا النوع لدينا مدخل واحد للشحن ونوع شحن واحد وهو الشحن البطيء أو الشحن بواسطة التيار المتردد AC  و في هذه الحالة لا يختلف الشاحن المنزلي عن الشاحن في المحطات العمومية، كما أن معظم السيارات الهجينة المتواجدة في الأسواق حالياً تتوافر باستطاعات شحن 7، 11 كيلوواط فقط وبمدخل تيار متردد. 

أما المركبات الكهربائية بالكامل تلك المعتمدة على البطاريات، فهي تتوافر بمدخلين للشحن و تسمح  بنوعين للشحن: إما الشحن البطيء بواسطة التيار المتردد AC،أو الشحن السريع  بواسطة التيار المستمرDC.

ولنأخذ على سبيل المثال المركبة الكهربائية المعروفة لوسيد، و هي كهربائية بالكامل، ولنقل ولنفس المركبة، أننا نرغب بشحنها بواسطة التيار المتردد AC فإننا سنحتاج في هذه الحالة إلى شاحن  باستطاعة 22 كيلوواط، يمكن تركيبه في المنزل وستسغرق عملية الشحن الكامل قرابة الأربع ساعات ونصف حتى الخمس ساعات، أما في حالة أردنا شحنها بالتيار المستمر، فإن أقصى استطاعة شحن متوافرة حالياً هي 300 كيلوواط (حوالي 12 مرة أعلى من استطاعة التيار المتردد) في محطات الشحن العمومية وستتطلب عملية الشحن الكامل 20 دقيقة فقط، وهو ما يعني أن الشحن بالتيار المستمر أسرع من الشحن بالتيار المتردد بحوالي 15 مرة. وهذه الشواحن ليست متوافرة للتطبيقات المنزلية -على الأقل في الوقت الحالي.

الفرق بين الشحن بالتيار المتردد (AC) والمستمر (DC)

حسناً  لننتقل الآن للشواحن العامة والبنية التحتية لمحطات الشحن العام. كيف لي كمستخدم اليوم أن أفهم كيفية توزيع نقاط الشحن في الأماكن العامة، وهو ما يضمن لي تجربة آمنة وموثوقة على الطرقات دون انقطاعات في الوقود؟ 

هنا يأتي دور الشركات التي تُعرف بمشغّلي نقاط الشحن (CPO)  وهي نوع من الشركات مسؤولة عن تزويد خدمات التشغيل المادي وصيانة البنية التحتية للشحن الكهربائي للعملاء بطريقة مشابهة لآلية تزويد البنزين، إذ وبنفس المنهجية التي يتم فيها توزيع و تركيب محطات الديزل بما يضمن خدمة المركبات خاصة على طرق السفر، يتم تركيب الشواحن الكهربائية. 

 ويمكن القول أنه طالما كانت المركبة الكهربائية داخل حدود المدينة الواحدة، غالباً ما يتم الاعتماد على  الشحن المنزلي، أما محطات الشحن العامّة فتكمن اهميتها على طرق السفر، والطرق السريعة بين المدن وحتى داخلها. 

ولتحديد آلية توزيع نقاط الشحن، نقوم بدراسة المدى الذي تقطعه المركبة الكهربائية والمسافة بين الوجهتين، لنقل مثلاً أن مركبة انتقلت من مدينة الرياض إلى جدة، وبعد أن نحدد المدى الذي تغطيه المركبة، نحدد بعد خروج السيارة من الرياض بعد كم من المسافة المقطوعة ستحتاج هذه المركبة للشحن مرة أخرى؟ مثلاً بعد 300 كم، إذن سنقوم بتركيب الشاحن في أقرب محطة للخدمات العامة في نطاق هذه المسافة، وبالتأكيد سيكون الشاحن من نوع التيار المستمر إذ لن يرغب المسافر في قضاء أكثر من 20 دقيقة في الانتظار حتى يتم شحن مركبته بالكامل. 

بالرجوع إلى مثالنا وبمعرفة أن المسافة بين الرياض وجدة هي 900 كم تقريباً، إذن أيضاً يتوجب تركيب شاحن سريع آخر بعد 300 كم أخرى. وهنا أشير لما يسمى بقلق المدى (Range Anxiety) أو ما يشعر به  مستخدمو المركبات الكهربائية من قلق دائم حيال نفاد شحن البطارية قبل الوصول إلى وجهتهم أو العثور على محطة شحن.

مفهوم قلق المدى

وعدا عن قلق المدى ، أود أن أشارك مسألة أخرى معروفة في أسواق المركبات الكهربائية وهي  معضلة الدجاجة والبيضة، فأنا اليوم كمستخدم أرغب بشراء مركبة كهربائية وأنا كثير السفر والتنقل بين المدن من الرياض، إلى القصيم إلى جدة وغيرها، ولكني أرغب بضمان توافر البنية التحتية من شواحن وغيرها على طول الطريق، لضمان رحلة موثوقة دون انقطاعات في الطاقة.  فلو توافرت البنية التحتية من شواحن وغيرها  سأشتري مركبة كهربائية بكل تأكيد.  وفي نفس للوقت لدى مشغلي نقاط الشحن وجهة نظر أخرى، فهي لن تخاطر باستثمارات كبيرة لتركيب كميات من الشواحن وتوزيعها دون وجود طلب فعلي على أرض الواقع، أي دون وجود عملاء حقيقيين، ولذا غالباً ما نعلق في فخ من يبدأ أولاً هل يشتري العميل أولاً المركبة الكهربائية أم هل يتولى مشغلو نقاط الشحن مهمة تجهيز البنية التحتية للمركبات الكهربائية قبل وجود عملاء على أرض الواقع.

معضلة الاجاجة والبيضة في أسواق المركبات الكهربائية

حسناً، ولكن ماذا عن دور السياسات والقوانين في دعم التحول للمركبات الكهربائية، ألا يساهم ذلك في حل هذه المعضلة دون أن تكون المسؤولية الكبرى على عاتق مشغلي نقاط الشحن؟ 

بالطبع! وهذا ما رأيناه بالفعل في دول عدة مثل المملكة العربية السعودية، حيث تقوم الحكومة ممثلة بشركة الكهرباء بالدعم المستمر لتشجيع تبنى المركبات الكهربائية، ففضلاً عن إصدار التشريعات المحفزة لاقتناء المركبات الكهربائية، قامت شركة الكهرباء بتعاون مشترك مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)  لتأسيس شركة EVIQ، أو شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية بهدف دعم تبني السيارات الكهربائية في السوق السعودي من خلال إنشاء بنية تحتية عالمية المستوى وإنشاء شبكة وطنية من محطات الشحن السريع للمركبات الكهربائية في مختلف أنحاء المملكة مع هدف تركيب 5000 نقطة شحن بحلول العام .2030 

عدا عن نوع وسرعة الشحن، ما أبرز الاعتبارات أو النصائح التي تود تقديمها للمستخدمين عند الشحن بشواحن المحطات العامة؟

النصيحة الأولى التي أود أن أشاركها لكل المستخدمين هي ضرورة الشحن الكامل للمركبة قبل  الخروج من المنزل يعني أن تتحرك من منزلك بشحن تام للبطارية. 

وعند السفر، أنصح بضرورة الاطلاع والتخطيط للرحلة كاملة،  أين ومتى سأتوقف للشحن؟  ما السرعة التي سأسير عليها وكم ستكون مدة التوقف للشحن وغيرها من الأسئلة  ولربما هذه إحدى التحديات الحالية لمالكي المركبات الكهربائية.. ضرورة التخطيط الكامل، ولكن بالتأكيد مستقبلاً وعند توافر الببنية التحتية اللازمة سنتلافى هذه الخطوات الزائدة.  

أيضاً ومن نواح تقنية، يجب التأكد من أن بروتوكول الشحن للتيار المستمر في سيارة المستخدم متوافق مع ذلك المستخدم في محطات الشحن العام على الطريق الذي سيسلكه المستخدم. يلجأ بعض المستخدمون لما يسمى بالمحول (Adapter)  غير أني ولأسباب تقنية لا أنصح باستخدامه على الدوام، ولكن قد تكون للضرورة أحكام!

أما الحل الجذري لمسألة البروتوكولات المختلفة،  فعادة ما تلجأ الحكومات لاعتماد نوع محدد من البروتوكلات لاتباعها في الدولة الواحدة، مثلاً في مصر يتم اتباع البروتوكول الأوروبيّ والصيني، في السعودية لدينا البروتوكول الأوروبي، وفي الإمارات يتم اعتماد البروتوكول الياباني والأوروبيّ وهكذا. 

علاوة على ذلك، كثيراً ما تؤثر الممارسات وطريقة القيادة أيضاً في عمر البطارية وفي تجربة المستخدم على الطريق، فمثلاً ننصح السائق دائماً بأن لا يدع شحن مركبته يقل عن 20% أثناء سيرها على الطريق، أولاً لأمان الراكب وثانياً للحفاظ على عمر البطارية مع ضرورة شحن المركبة حتى 100% في كل مرة يتوقف فيها السائق عند محطة شحن. 

وفيما يتعلق بطريقة القيادة وكيف لها أن تؤثر على استهلاك البطارية والمدى الذي تغطيه المركبة، لنقل أن المركبة ستسير 500 كم، هذه المسافة تعتمد على عدة شروط لنقل مثلاً أن يسير السائق بسرعة 80 كم في الساعة، وأن يسير باتجاه الرياح، مع تشغيل التكييف وهكذا، إذن طريقة القيادة لها دور في المدى الذي تغطيه المركبة أثناء الرحلة، ويمكن معرفة كل هذه الشروط من دليل القيادة الصادر من الشركة المُصنّعة.  

لتحسين البنية التحتية للمركبات الكهربائية  وللانتقال بالكامل إلى النقل الكهربائي هل من الممكن أن نرى محطات شحن لجميع أنواع المركبات، الحافلات على سبيل المثال أو حتى المركبات الثقيلة؟  وإذا كان ذلك ممكناً ما أهم المتطلبات؟ 

نعم لمَ لا! كما أننا رأينا ذلك في دول في منطقتنا مثل السعودية ومصر على نطاقات تجريبية، ولكن رؤية محطات شحن عامة للحافلات أو المركبات الثقيلة قد يرافقها بعض التحديات، ولعل من أبرزها المدى للمركبة.  فلو سألنا سائق شاحنة نقل عادية عن كم المسافة التي يقطعها يومياً سيجيب مثلاً 800 كم على الأقل، لكن ماذا عن المركبات الكهربائية الثقيلة، هل تستطيع تغطية هذا المدى؟ وحتى تستطيع تحقيق ذلك، ما هي إمكانيات البطاريات اللازمة لتحقيق ذلك، وهنا ننقل للتحدي الآخر وهو السعر، إذ حتى لو توافرت هذ الإمكانيات، فهذا يعني بكل تأكيد أسعاراً أعلى لبطاريات هذه المركبات. 

ومن وجهة نظر مشغلي نقاط الشحن للاستثمار في هذه المركبات،  تحتاج هذه الشركات لشواحن باستطاعات عالية قد تصل لـ 600 كيلوواط أو 1 ميجاواط أو حتى 1.5 ميجاواط، وهو ما سيتطلب كلف أولية عالية جداً لتوفيرها في محطات الشحن العمومية، فضلاً عن تعقيدات البنية التحتية مثل الحاجة لبناء محولات بالقرب من محطات الشحن وغير ذلك الكثير، لذا وفي الوقت الحالي ما يزال مشغلو نقاط الشحن يفضلون التركيز على المركبات الكهربائية الصغيرة على الحافلات أو المركبات الثقيلة. 

حول الخبير   

المهندس أحمد الحلواني صاحب خبرة في شحن السيارات الكهربائية وداعم كبير للتنقل المستدام. مع خبرة واسعة في تصميم ونشر وتحسين بنية شبكة شحن السيارات الكهربائية، وقد لعب دورًا رئيسيًا في تطوير الصناعة في كل من مصر والسعودية. خلال فترة عمله في شركة “شاحن”، إحدى أكبر مشغلي نقاط الشحن في مصر والتي تمتلك شبكة شواحن واسعة النطاق للسيارات الكهربائية، اكتسب خبرة عملية قيّمة في فهم التحديات التي يواجهها مستخدمو السيارات الكهربائية، وعمل على تطوير حلول فعالة لتعزيز تجاربهم في الشحن. طوال مسيرته المهنية، قاد أحمد فرقًا متعددة الوظائف، وضَمَنَ الامتثال لمعايير الصناعة، كما لعب دورًا عمليًا في استكشاف الأخطاء وإصلاحها. مدفوعًا بالابتكار والالتزام بحلول الطاقة النظيفة، فإنه يواصل دعم توسع الاعتماد على السيارات الكهربائية والتشجيع على اقتنائها في جميع أنحاء منطقة الخليج العربي.

تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…

نتمنى لكم يوماً مشمساً!

The post الاستدامة على الطرقات .. محطات الشحن العامة ومستقبل النقل الكهربائي   appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by خبراء الاستدامة