الاحتباس الحراري يوجه ضربة لطاقة الرياح في أوروبا
كشفت نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون أميركيون أن الاحتباس الحراري يبُطئ سرعة الرياح في أوروبا خلال أشهر الصيف الحارة.
يمثّل ذلك ضربة لمساعي تحقيق التحول الأخضر بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري في القارة العجوز التي تستهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق آخر تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ووضعت المفوضية الأوروبية هدف زيادة قدرات الرياح لتشكّل 34% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، ثم إلى 50% بحلول منتصف القرن الحالي من 19% حاليًا.
كما نتوقع هيئة “ويند يوروب” (WindEurope) ارتفاع القدرات المركبة لطاقة الرياح في أوروبا بمقدار 260 غيغاواط بين عامي 2024 و2030، على أن تستحوذ دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على معظم التركيبات الجديدة بمقدار 200 غيغاواط.
تراجع سرعة الرياح بالصيف
تقول الدراسة، إن انخفاض سرعة الرياح خلال أشهر الصيف المعروف بظاهرة سكون الرياح (stilling) يحدث بسبب ارتفاع حرارة كل من سطح الأرض وأقرب طبقات الغلاف الجوي إلى الأرض المعروفة باسم “تربوسفير”.
ويقول كبير باحثي الدراسة وعالم المناخ والأستاذ بجامعة إلينوي في إربانا-شامبين غان تشانغ، إن سرعة الرياح ستكون أقل من 5% خلال المدة بين عامي 2021 و2050.

وبعيدًا عن أوروبا، يقول تشانغ، إنّ تراجُع سرعة الرياح يحدث أيضًا في المناطق الواقعة شمال خط العرض، مثل دول أميركا الشمالية.
وفي هذا الصدد، يرى مدير تجارة الكهرباء وإدارة مخاطر الطقس في شركة “تريد دبليو باور” -مقرّها النرويج- (TradeWpower)، إيفان سفيغاردن، أن صنّاع السياسات في الاتحاد الأوروبي اعتمدوا كثيرًا على طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء النظيفة تحقيقًا لأهداف المناخ.
لكن إنتاج الكهرباء من الرياح في أوروبا في تراجع بسبب المناخ في ظل زيادة تواتر الضغوط المهيمنة واستمرارها لأوقات أطول، بحسب سفيغاردن.
بدوره، يقول الباحث في شؤون طاقة الرياح والمد والجزر بجامعة أوكسفور،د كريستوفر فوغيل، إن الدراسة الجديدة حول تأثير الاحتباس الحراري في حركة الكتل الهوائية تتماشى مع دراسات سابقة تشير إلى زيادة ذات دلالة إحصائية لتأثير ظاهرة تغير المناخ في الرياح خلال النصف الثاني من القرن الحالي.
لكن الغموض ما زال يكتنف كيفية تأثير التحولات في متوسط سرعة الرياح بإنتاج الكهرباء مستقبلًا، وخاصة أن بيانات المناخ المعيارية “ليست جيدة في رصد الحوادث المتطرفة المرتبطة بسرعة الرياح”، بحسب وصف فوغيل.
ولفت أيضًا إلى مشكلة شح البيانات التاريخية القوية الخاصة بالرياح واللازمة لوضع نماذج للنتائج المناخية المستقبلية، كما أن قياس سرعات الرياح يقتصر على النطاق المحلي، ويسهل التخلص من بياناتها حتى من قِبل مزارع الرياح نفسها.
ظاهرة الاحتباس الحراري
تتوقع الدراسة الجديدة أن يتأثر إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في أوروبا بسبب تباطؤ السرعة الناتج عن الاحتباس الحراري خلال الصيف.
يأتي ذلك في الوقت الذي يرتفع فيه الطلب على الكهرباء في أوروبا خلال الأشهر الحارة من أجل أغراض التبريد، وهو ما سيخلق فجوة إمدادات، ويُحرج مساعي الحياد الكربوني التي تعتمد على المصادر المتجددة المتقطعة.
وفي الشتاء الحالي، أدى الطقس المتجمد وتراجع هبوب الرياح إلى زيادة السحب من مخزونات الغاز في أوروبا، وهو ما يؤدي إلى رفع أسعار الغاز بالتبعية.
وهنا، يقول كبير باحثي الدراسة، غان تشانغ، إن الانخفاض، ولو كان قليلًا في سرعة الرياح، ينعكس في صورة تقلبات كبرى في معدلات توليد الكهرباء من التوربينات، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير لأسعار الكهرباء المنتجة إذا تغيَّر الفارق بنسبة تتراوح بين 5% و10%.
بدوره، يقول كبير مؤلفي الدراسة، غان تشانغ، إن الرياح مكون رئيس في مزيج الكهرباء بمعظم الدول، رغم تراجع سرعتها جرّاء الاحتباس الحراري.
لكنه اقترح اتّباع نهج أكثر ابتكارًا في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، مثل توزيع محطات التوليد وبناء المزيد من شبكات الربط ومحطات الكهرباء الاحتياطية، لسدّ فجوة طاقة الرياح عند تراجع إنتاجها.
موضوعات متعلقة..
- الاعتماد على مصارف الكربون الطبيعية لن يوقف الاحتباس الحراري العالمي (دراسة)
- الحرائق تحول الغابات من مستهلك للكربون إلى مصدّر.. وتُفاقم الاحتباس الحراري (دراسة)
- الاحتباس الحراري يهدد أوروبا بشتاء قارس.. أمطار وفيضانات كارثية
اقرأ أيضًا..
- حقيقة الوقود المغشوش إلى لبنان وعلاقة العراق (خاص)
- الطلب على الكهرباء في أفريقيا يسجل مستوى قياسيًا بقيادة 3 دول
- مصر توقع صفقات غاز لاستغلال 15 تريليون قدم مكعبة
- توقعات الطلب على النفط في 2025.. التفاؤل يسود السوق (تقرير)
المصدر:
إقرأ: الاحتباس الحراري يوجه ضربة لطاقة الرياح في أوروبا على منصة الطاقة