استخراج الليثيوم من المياه.. طريقة جديدة تدعم صناعة بطاريات السيارات الكهربائية
توصّل باحثون أميركيون إلى طريقة فاعلة لاستخراج الليثيوم، من شأنها أن تعزز الصناعة من خلال تقديم بديل أكثر استدامة وكفاءة لممارسات التعدين التقليدية.
وتمكّن الباحثون في جامعة رايس من تحقيق مستويات غير مسبوقة من انتقائية الليثيوم في المحاليل المائية، من خلال تطوير طريقة جديدة لاستخراج الليثيوم.
وأشار الباحثون -في الدراسة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- إلى أن الضرورة ملّحة لتطوير تقنيات انتقائية للأيونات، التي يمكنها استخراج الليثيوم بكفاءة من مصادر المياه غير التقليدية، مع استمرار اتّساع الفجوة بين العرض والطلب على الليثيوم.
وتوقّعوا أن تظل بطاريات الليثيوم أيون هي السائدة في المركبات الكهربائية؛ نظرًا لتكلفتها المنخفضة وكثافة الطاقة التي تتمتع بها، مع استمرار جهود إزالة الكربون العالمية في اكتساب الزخم.
أهمية الليثيوم
الليثيوم معدن قلوي خفيف الوزن، وهو مكون أساس في البطاريات التي تشغّل المركبات الكهربائية، والهواتف الذكية، والأجهزة الإلكترونية الأخرى.
وتتطلب معالجة فجوة العرض من الليثيوم بشكل فاعل، استخراج الليثيوم من مصادر مائية غير تقليدية، مثل المياه الجوفية، ومياه إنتاج النفط والغاز، ومياه الصرف الصناعي، والمحاليل الملحية الحرارية الأرضية.
وأوضح الباحثون -في الدراسة التي نشرتها مجلة “ساينس” (Science)- أن الإستراتيجية التقليدية لاستخراج الليثيوم من المصادر المائية تعتمد على التركيز المسبق عن طريق التبخر الشمسي، متبوعًا بسلسلة من خطوات التنقية والترسيب القائمة على المواد الكيميائية.
ومن ثم، فإن استخراج الليثيوم يقتصر حاليًا على المناطق القاحلة ذات الأراضي الوفيرة، ويتطلب أوقات معالجة طويلة، وله تأثيرات بيئية ضارة (أي استهلاك المواد الكيميائية والمياه العذبة)، ويعاني من انخفاض معدلات استرداد الليثيوم.
وغالبًا ما تكافح طرق استخراج الليثيوم التقليدية مع انتقائية الأيونات، وخاصةً عند فصل الليثيوم عن أيونات مماثلة مثل المغنيسيوم والصوديوم، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي السنوات الأخيرة، جرت دراسة تطوير تقنيات الاستخلاص المباشر لليثيوم (DLE)، القادرة على تجنّب خطوات التركيز المسبق التي تتطلب الكثير من الوقت والمساحة، والتي يمكنها الحصول على الليثيوم عالي النقاء، دون الحاجة إلى خطوات المعالجة اللاحقة القائمة على المواد الكيميائية.
استخراج الليثيوم من المياه
أعاد فريق جامعة رايس استعمال إلكتروليتات الحالة الصلبة (SSEs) -مواد تُستعمل عادةً في بطاريات الحالة الصلبة- بوصفها أغشية لاستخراج الليثيوم من المياه.
وأثبتت البنية الفريدة لإلكتروليتات الحالة الصلبة، المصممة في الأصل للتوصيل السريع لأيونات الليثيوم في غياب السوائل أو الأيونات الأخرى، فاعلية ملحوظة في فصل الليثيوم عن الأيونات الأخرى والمياه في عمليات المزج.
وقال المؤلف المراسل للدراسة، مناحيم إليمالك: “لا يقتصر التحدي على زيادة إنتاج الليثيوم فحسب، بل يتعلق بالقيام بذلك بطريقة مستدامة ومجدية اقتصاديًا”.
على عكس الأغشية النانوية المسامية التقليدية التي تعتمد على المسام المائية، تستعمل إلكتروليتات الحالة الصلبة آلية “قفز” خالية من المياه داخل شبكة بلورية لنقل أيونات الليثيوم.
وأوضح المؤلف الأول للدراسة، سوهوم باتيل: “هذا يعني أن أيونات الليثيوم يُمكن أن تهاجر عبر الغشاء بينما تُحظر الأيونات المتنافسة الأخرى، وحتى المياه، بفعالية”.
وأضاف: “إن الانتقائية الشديدة التي يوفرها نهجنا القائم على إلكتروليتات الحالة الصلبة تجعله طريقة فاعلة للغاية لحصاد الليثيوم، إذ تُوسَّع الطاقة فقط نحو تحريك أيونات الليثيوم المطلوبة عبر الغشاء”.
إلكتروليتات الحالة الصلبة
في التجارب التي تستعمل إعداد التحليل الكهربائي، أظهر غشاء إلكتروليتات الحالة الصلبة انتقائية شبه مثالية لليثيوم، حتى في تركيزات عالية من الأيونات المتنافسة.
ومن خلال التحليل الحسابي والتجريبي، اكتشف الباحثون أن الشبكة البلورية الصلبة والمضغوطة بإحكام لإلكتروليتات الحالة الصلبة تعمل بوصفها “منخلًا جزيئيًا” (مادة تحتوي على مسام ذات اتّساع دقيق ومتساوية، تُستعمل بوصفها مادة تمتص الغازات والسوائل).
ويستبعد هذا “المنخل الجزيئي” الماء والأيونات الأكبر -مثل الصوديوم وحتى أيونات المغنيسيوم- بسبب شحنتها وحجمها غير المتوافقين.
ورغم أن وجود أيونات متنافسة قلّل من تدفُّق الليثيوم من خلال احتلال مواقع السطح، فإن الباحثين واثقون من أن المزيد من هندسة المواد يمكن أن تعالج هذه المشكلة.
وقد يساعد هذا الإنجاز في تأمين إمداد مستقر من الليثيوم لسوق السيارات الكهربائية المتنامية، بحسب ما أكدته منصة “إنترستينغ إنجينيرينغ” (Interesting Engineering).
وقال باتيل: “من خلال دمج إلكتروليتات الحالة الصلبة في أنظمة التحليل الكهربائي، يمكننا تمكين استخراج الليثيوم مباشرةً من مجموعة من المصادر المائية؛ ما يقلل من الحاجة إلى مستنقعات التبخر الكبيرة وخطوات التنقية المكثفة كيميائيًا”.
وأضاف: “قد يؤدي هذا إلى خفض البصمة البيئية لإنتاج الليثيوم بشكل كبير، مع جعل العملية أكثر كفاءة”.
ويعتقد الفريق -أيضًا- أن مبادئ انتقائية الأيونات التي أظهرتها إلكتروليتات الحالة الصلبة يُمكن تطبيقها على استخراج عناصر حاسمة أخرى من مصادر الماء.
واختتم إليميليش قائلًا: “قد يفتح هذا الباب أمام فئة جديدة من مواد الأغشية لاستعادة الموارد”.
موضوعات متعلقة..
- استخراج الليثيوم بطرق مبتكرة لدعم صناعة السيارات الكهربائية
- تقنية مبتكرة لاستخراج الليثيوم من المياه المالحة
- تقنيات استخراج الليثيوم مباشرة تواجه 3 عقبات
اقرأ أيضًا..
- مزايدة جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في مصر بـ13 موقعًا
- صادرات الغاز المسال الأميركية.. دراسة تكشف الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية
- استعمال المضخات الحرارية في المنازل أرخص من الهيدروجين الأخضر 3 مرات (دراسة)
- طاقة الرياح البحرية العائمة في الصين تحقق إنجازًا هو الأول من نوعه
المصادر:
- تطوير طريقة جديدة لاستخراج الليثيوم من المياه من مجلة “ساينس”.
- معلومات إضافية عن الطريقة الجديدة من منصة “إنترستينغ إنجينيرينغ”.
إقرأ: استخراج الليثيوم من المياه.. طريقة جديدة تدعم صناعة بطاريات السيارات الكهربائية على منصة الطاقة