أهداف المناخ في إندونيسيا تصطدم بجدار الفحم.. ما دور المحطات الأسيرة؟
باتت أهداف المناخ في إندونيسيا على المحك، مع تزايد الفجوة بين التعهدات البيئية والسياسات الفعلية؛ إذ لا يزال الفحم يحتل الصدارة في الخطط المستقبلية.
فرغم تعهداتها المناخية؛ فإن جاكرتا تمضي في مسار متناقض؛ إذ تكشف خطتها الوطنية للكهرباء (2024-2060) عن نمو متسارع للطاقة المتجددة، يقابله ارتفاع كبير في توليد الكهرباء بالفحم بعد 2030.
وبحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، تخطط البلاد لزيادة سعة التوليد بالفحم بمقدار 26.8 غيغاواط على مدى السنوات الـ7 المقبلة، وستكون المحطات الأسيرة العاملة بالفحم المحرّك الرئيس لهذا التوسع؛ حيث تشكل أكثر من 20 غيغاواط من القدرة الجديدة.
ومحطات الكهرباء الأسيرة هي محطات تستعملها المنشآت الصناعية التجارية لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، مع إمكان العمل خارج الشبكة، أو الاتصال بها لتبادل القدرات الفائضة.
وتُنذر هذه الخطوة بارتفاع ضخم في إنتاج الكهرباء بالفحم ليبلغ ذروته في 2037، بزيادة 62.7% عن المستويات الحالية.
وسيترتب على ذلك ارتفاع الانبعاثات الكربونية وزيادة في تكاليف توليد الكهرباء داخل المحطات الأسيرة العاملة بالفحم.
أهداف المناخ في إندونيسيا على المحك
تتسم أهداف المناخ في إندونيسيا بالضبابية، ولعل التناقض الأبرز يتمثّل في تعهد الرئيس برابوو سوبيانتو بإغلاق محطات الفحم خلال 15 عامًا.
وتمتلك إندونيسيا -حاليًا- محطات توليد بالفحم بسعة 49.7 غيغاواط؛ منها 38.5 غيغاواط متصلة بالشبكة و11.2 غيغاواط مخصصة للصناعات.
ووفقًا للتقرير الصادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة “إمبر”، تتجه إندونيسيا نحو زيادة سعة المحطات الأسيرة العاملة بالفحم بنسبة 180% خلال 7 سنوات.
وبموجب الخطة الوطنية للكهرباء، من المتوقع وصول إجمالي قدرة التوليد بالفحم إلى 76.5 غيغاواط بحلول 2031، مع إضافة أكثر من 20 غيغاواط لدعم التوسع في صناعات معالجة المعادن.
ووفقًا للتقديرات، من المتوقّع أن تصل قدرة المحطات الأسيرة إلى 26.2 غيغاواط بحلول عام 2026، لكن المفارقة تكمن في أن 5.2 غيغاواط من هذه القدرة لا تزال غير محددة المصدر؛ ما يُشكِّل فرصة لاستبدالها والاعتماد على الطاقة المتجددة.

المحطات الأسيرة رهان محفوف بالمخاطر المالية والبيئية
أظهر التقرير أن خطط التوسع في المحطات الأسيرة العاملة بالفحم قد تفرض تحديات مالية وتهدد أهداف المناخ في إندونيسيا.
وتواجه هذه المشروعات قيودًا تنظيمية صارمة؛ إذ تفرض اللوائح ضرورة تقليص انبعاثاتها بنسبة 35% خلال 10 سنوات من التشغيل، مع حظر تشغيلها بعد عام 2050، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما أن هذه المحطات مستبعدة من سقف أسعار الفحم؛ ما يعني أن الشركات ستضطر إلى شرائه بأسعار السوق، وسيسفر ذلك عن ارتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن تكلفة توليد المحطات الأسيرة العاملة بالفحم قد تصل إلى 7.71 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، متجاوزة المتوسط الوطني وتكلفة الكهرباء المستوية للمحطات المتصلة بالشبكة؛ ما يجعل الفحم خيارًا أقل تنافسية أمام الطاقة المتجددة.
ارتفاع الطلب على الكهرباء في إندونيسيا
بحسب الخطة الوطنية للكهرباء؛ من المتوقع نمو الطلب على الكهرباء في إندونيسيا بنسبة 3.8% سنويًا، مدفوعًا بالنمو السكاني وانتشار المركبات الكهربائية، إلى جانب التوسع الصناعي والهيدروجين الأخضر.
ورغم التوجه نحو هيمنة الطاقة المتجددة على مزيج الكهرباء بحلول 2040؛ فإن التوليد بالفحم والغاز سيواصل الارتفاع خلال العقد المقبل.
وتوقع التقرير الصادر عن “إمبر” نمو توليد الكهرباء بالفحم بنسبة 3.9% سنويًا، متجاوزًا معدل نمو الطلب، ليصل إلى 494 تيراواط/ساعة بحلول عام 2037، أي بزيادة 62.7% عن المستويات الحالية.
وبذلك، تتجاوز إندونيسيا السقف الموصى به في سيناريوهات خفض الكربون المتوافقة مع اتفاقية باريس، الذي يحدد الذروة عند 435 تيراواط/ساعة بحلول 2030، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ونتيجة لذلك، يُتوقع أن تتجاوز انبعاثات قطاع الكهرباء 598 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2037، فضلًا عن زيادة انبعاثات الميثان من مناجم الفحم 13.7% مقارنة بمستويات 2024.
ويستعرض الرسم التالي -الذّي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أكبر الدول المصدرة للفحم في 2024 بقيادة إندونيسيا:
وفي ضوء ذلك، اقترح تقرير “إمبر” مجموعة حلول لتحقيق أهداف المناخ في إندونيسيا؛ أبرزها:
- إعادة تقييم خطط تطوير محطات الكهرباء الأسيرة العاملة بالفحم.
- تعزيز معايير الانبعاثات والشفافية الخاصة بهذه المحطات.
- ضمان نمو الطاقة المتجددة بوتيرة ثابتة.
- إلزام المرافق الخاصة والمحطات الأسيرة بوضع أهداف واضحة لخفض الانبعاثات وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- توليد الكهرباء بالوقود الأحفوري في إندونيسيا يقفز 50%.. ويهدد الأهداف المناخية
- قدرة توليد الكهرباء بالفحم في إندونيسيا ترتفع 15% خلال عام
- الطاقة المتجددة في إندونيسيا تواجه عقبات.. ما قصة الـ14 مليار دولار؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الجزائر من الغاز في 2024 ينخفض 7 مليارات متر مكعب
- حصة النفط في مزيج الكهرباء السعودي قد تهبط إلى 20% خلال 2027
- استثمارات الطاقة النظيفة في الصين تنافس الإنفاق العالمي على الوقود الأحفوري (تقرير)
المصادر:
- المحطات الأسيرة تهدد أهداف المناخ في إندونيسيا من مركز أبحاث الطاقة النظيفة “إمبر”
- رسم يوضح أكبر الدول المصدر للفحم في 2024 من وحدة أبحاث الطاقة
إقرأ: أهداف المناخ في إندونيسيا تصطدم بجدار الفحم.. ما دور المحطات الأسيرة؟ على منصة الطاقة