لا مشاريع حكومية جديدة للطاقة في موريتانيا: الباب يُفتح على مصراعيه للقطاع الخاص لقيادة ثورة الهيدروجين الأخضر
سولارابيك، موريتانيا- 19 مايو 2025: تفتح موريتانيا للمرة الأولى أبواب قطاعها الطاقوي أمام رياح الاستثمار الخاص، مُمهدةً الطريق لنهضة كبرى في مجال الطاقة المتجددة، تستهدف من خلالها تغذية طموحاتها الواعدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر. وأقرت الحكومة مشروعين جديدين بنظام المنتج المستقل للطاقة (IPP)، يتوقع أن يضيفا نحو 550 ميجاواط إلى الشبكة الوطنية، في تحول استراتيجي يبتعد عن نموذج توليد الطاقة الذي تقوده الدولة.
تحول جذري في سياسات الطاقة الموريتانية
أعلن وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، السيد الناني ولد اشروقه، خلال “منتدى استثمر في الطاقة الأفريقية 2025” بباريس، أن جميع مشاريع توليد الطاقة الجديدة في موريتانيا ستكون خاصة، ولن تعود الشركات الحكومية للمشاركة في هذا المجال. وتعكس هذه الخطوة تجربة جنوب أفريقيا الرائدة ببرنامجها لشراء الطاقة المتجددة من منتجين مستقلين (REIPPPP)، الذي استقطب ما يزيد عن 14 مليار دولار من رؤوس الأموال الخاصة وساهم في تركيب 6 جيجاواط من الطاقة النظيفة منذ عام 2011، وفقاً لبيانات شركة “إسكوم”. ويرى خبراء، مثل أليكس موكوكا، الباحث في مركز “إمبر إنرجي” العالمي، أن موريتانيا تمتلك المقومات لتكرار هذا النجاح، لتصبح منصة انطلاق واعدة للهيدروجين الأخضر، مؤكداً أن إنشاء سوق طاقة قابل للاستثمار هو مفتاح جذب مشاريع طاقة متجددة بحجم الجيجاوات.
إمكانات هائلة ومشاريع عملاقة لإنتاج “وقود المستقبل”
تزخر موريتانيا بموارد طبيعية غنية، حيث تتمتع بسواحل أطلسية تتميز بإمكانات عالية للطاقة الشمسية والرياح. وكشف تقرير علمي نُشر عام 2023 على منصة “ريسيرش جيت” أن مناطقها الساحلية، كنواذيبو ونواكشوط، تسجل متوسط سرعات رياح تتراوح بين 7.6 و 9.8 متر في الثانية على ارتفاع 80 متراً، وهي ظروف مثالية لتوليد طاقة الرياح. ويبلغ متوسط الإشعاع الشمسي السنوي في البلاد ما بين 2000 و 2300 كيلوواط ساعي لكل متر مربع، وهو ما يضاهي أعلى المعدلات المسجلة في جنوب أوروبا. وبفضل هذه المقومات، تضع وكالة الطاقة الدولية موريتانيا ضمن الدول الأفريقية الرائدة في تطوير مشاريع الهيدروجين، مدفوعة إلى حد كبير بالطلب الأوروبي والموقع الجغرافي. ويبرز من بين هذه المشاريع مشروع “نور”، وهو شراكة بين شركتي “شاربوت إنرجي” و”توتال إنرجي”، الذي يستهدف استطاعة تحليل كهربائي تبلغ 10 جيجاواط بحلول عام 2030. وستشهد المرحلة الأولى من المشروع نشر 3 جيجاواط من الطاقة المتجددة لإنتاج 150 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً. ويأتي إلى جانبه مشروع “أمان” العملاق، البالغة تكلفته 40 مليار دولار أمريكي وبقيادة شركة “سي دبليو بي جلوبال”، والذي يستهدف إنتاج 1.7 مليون طن من الهيدروجين سنوياً، بالاعتماد على بناء طموح يضم 12 جيجاواط من طاقة الرياح و 18 جيجاواط من الطاقة الشمسية. وتشير تقديرات بنك الاستثمار الأوروبي إلى أن هذه المشاريع مجتمعة قد تدفع إنتاج موريتانيا من الهيدروجين إلى 12.5 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035، ما يمثل قرابة ربع الإنتاج الأفريقي المتوقع للهيدروجين الأخضر بحلول ذلك العام.
تحدي التوسع في الطاقة المتجددة والتوجه القاري نحو الاستثمار الخاص
يعتمد تحقيق هذه الطموحات الكبيرة على توسع هائل في قدرات الطاقة المتجددة. فاعتباراً من عام 2022، لم تشكل الطاقة المتجددة سوى 16% من مزيج الطاقة في موريتانيا، مقسمة بالتساوي بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهو ما يقل كثيراً عن الهدف المحدد بنسبة 50% بحلول عام 2030 ضمن مساهماتها المحددة وطنياً (NDC). وحتى هدف عام 2020 المتمثل في الوصول إلى 20% من الطاقة المتجددة لم يتحقق بفارق ضئيل، حيث بلغ 19%. ولا يزال النفط يهيمن على المشهد، ممثلاً ما يقرب من 75% من استهلاك الطاقة اعتباراً من عام 2021، وفقاً لموقع “إنر داتا”. ويُظهر فتح الباب أمام منتجي الطاقة المستقلين نية موريتانية جادة لتغيير هذا الواقع، وهي ليست وحدها في هذا التوجه. إذ تتجه دول أفريقية عديدة، مثل مصر التي شيدت مجمع بنبان للطاقة الشمسية الضخم بالاعتماد شبه الكامل على منتجي الطاقة المستقلين، وناميبيا التي تستقطب استثماراتهم لريادة قطاع الهيدروجين الأخضر. وتنتشر مبادرات مثل “توسيع نطاق الطاقة الشمسية” (Scaling Solar)، المدعومة من البنك الدولي، في دول كالسنغال وزامبيا ومدغشقر والنيجر وتوغو وساحل العاج، لتسهيل تمويل مشاريع الطاقة الشمسية الخاصة واسعة النطاق. وتضع دول أفريقية متزايدة، من مبادرة ساحل العاج المبكرة في مجال إنتاج الطاقة المستقلة عام 1994 إلى أول مشروع للطاقة الشمسية لمنتج مستقل في تشاد عام 2021، مروراً بمصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وتونس والكاميرون، الأطر القانونية اللازمة لجذب الاستثمار الخاص في قطاع الطاقة. وتؤكد توقعات وكالة الطاقة الدولية ضرورة زيادة استثمارات القطاع الخاص في أفريقيا من حوالي 75 مليار دولار أمريكي حالياً إلى حوالي 190 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 لتلبية احتياجات القارة الطاقوية.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصدر: financial fortune media
The post لا مشاريع حكومية جديدة للطاقة في موريتانيا: الباب يُفتح على مصراعيه للقطاع الخاص لقيادة ثورة الهيدروجين الأخضر appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by بسمه عبود