كيف تُغير أنظمة التتبع الشمسي مستقبل الطاقة في الصحراء؟
في قلب الصحراء، حيث تمتد الكثبان الرملية اللانهائية تحت أشعة الشمس، تُشرق آمالٌ جديدة تُبشّر بمستقبلٍ أكثر استدامة. ففي هذه البيئة القاسية، التي لطالما شكلت تحديًا أمام مشاريع الطاقة التقليدية، تُثبت الطاقة الشمسية قدرتها على توفير حلولٍ مستدامة تلبي احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة مع الاستفادة القصوى من وفرة الإشعاع الشمسي وملاءمة الظروف الطبيعية لتوليد الطاقة النظيفة.
لكنّ إنشاء محطات الطاقة الشمسية في المناطق الصحراوية ليس بالمهمة السهلة. فتحدياتٌ جغرافية ومناخية معقدة تفرض نفسها بقوة، من الحرارة الشديدة والرياح العاتية التي تُثير العواصف الرملية والترابية، وصولًا إلى شُحّ مصادر المياه. وهذه العوامل مجتمعةً تؤثر سلبًا على كفاءة توليد الطاقة، كما تزيد من تكاليف الإنشاء والصيانة، بل وقد تُهدد سلامة المعدات.
وفي مواجهة هذه العقبات، تُشكل أنظمة التتبع الشمسي (Solar Tracking Systems) حجر الزاوية في تعزيز كفاءة محطات الطاقة الشمسية. إذ تعمل هذه الأنظمة على توجيه الألواح الشمسية باستمرار نحو الشمس، بما يضمن حصولها على أقصى قدر من الإشعاع الشمسي. وبفضل هذه التقنية، ترتفع كفاءة توليد الطاقة بشكل ملحوظ، وتتحسن عوائد الاستثمار، ما يسمح بتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الموارد الطبيعية.
في هذا المقال، سنخوض رحلة للتعرّف على أنظمة التتبع الشمسي حيث نستعرض أنواعها وآلية عملها، إلى جانب أبرز فوائدها والتحديات التي تواجهها. كما نسلّط الضوء على الدور الريادي الذي قامت به شركة نكِستراكَر (Nextracker) في مواجهة هذه التحديات، من خلال ابتكار حلول تقنية متقدّمة ساعدت في تذليل العقبات وتحقيق أفضل أداء لمشاريع الطاقة الشمسية، حتى في أصعب البيئات وأكثرها تعقيدًا.
ما هي أنظمة التتبع الشمسي؟
تعرف أنظمة التتبع الشمسي على أنها تقنيات ميكانيكية وإلكترونية متطورة تُستخدم لتحسين كفاءة الألواح الشمسية وزيادة كمية الطاقة المولدة من خلال تحريكها بحيث تظل متعامدة مع أشعة الشمس طوال اليوم . وعلى عكس الألواح الشمسية الثابتة، التي تُثبت في مكان واحد بزاوية محددة وثابتة، تعتمد أنظمة التتبع على محركات ومستشعرات لضبط زوايا الألواح الشمسية بشكل ديناميكي، مما يسمح لها بالتقاط أكبر كمية ممكنة من أشعة الشمس.
يتجلى الفرق بين الألواح الشمسية الثابتة والمثبتة على أنظمة التتبع أنه في الأولى تُثبت الألواح في مكان واحد بزاوية ثابتة، عادةً ما تكون مُحسوبة لتعظيم كمية الطاقة في وقت الظهيرة. عدا عن أن هذه الأنظمة بسيطة التركيب وأقل تكلفة إلا أنها لا تستفيد من الإشعاع الشمسي بكامل إمكانياته، مما يؤدي إلى تقلب في الإنتاج على مدار اليوم والمواسم.
في حين أن الألواح الشمسية المثبتة على أنظمة تتبع تتكيف ديناميكيًا مع حركة الشمس، مما يسمح بزيادة إنتاج الطاقة بنسبة تصل إلى 20-30% مقارنة بالأنظمة الثابتة. وهذه الزيادة تعوض في كثير من الأحيان تكاليف التركيب الأعلى والصيانة الإضافية المطلوبة.
أنواع أنظمة التتبع
تقسم أنظمة التتبع بشكل رئيسي إلى نوعين أنظمة أحادية المحور (Single-Axis Trackers) وأنظمة ثنائية المحور (Dual-Axis Trackers).
في الأنظمة أحادية المحور تتحرك الألواح الشمسية حول محور واحد، عادةً من الشرق إلى الغرب. وتتميز بأنها تزيد من إنتاج الطاقة بنسبة من 25% وحتى 30% مقارنة بالأنظمة الثابتة. تُستخدم غالبًا في المشاريع الكبيرة بسبب تكلفتها المعتدلة وكفاءتها العالية. وتعتبر خياراً فعالاً للمناطق ذات الإشعاع الشمسي المباشر العالي.
كيف تعمل أنظمة التتبع الشمسي؟
تعتمد أنظمة التتبع الشمسي على مبدأ تحريك الألواح الشمسية لمواجهة الشمس بشكل مباشر طوال اليوم. يتم ذلك باستخدام محركات كهربائية يتم التحكم فيها بواسطة وحدة تحكم مركزية تعتمد على بيانات من مستشعرات ضوئية أو خوارزميات حسابية.
تلعب المستشعرات (مثل مستشعرات الإشعاع الشمسي أو مستشعرات الموقع الزوايا أو مستشعرات الرياح لتعطيل الحركة عند سرعة رياح معينة) والبرمجيات المتقدمة دورًا حيويًا في دقة التتبع. حيث تقوم المستشعرات بقياس شدة الضوء واتجاهه، وإرسال هذه البيانات إلى وحدة التحكم. كما يتم استخدام خوارزميات متقدمة لحساب موقع الشمس بناءً على الوقت والتاريخ والموقع الجغرافي. ثم تُرسل إشارات إلى المحركات لضبط زوايا الألواح الشمسية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الأنظمة الحديثة باتت تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بحركة الشمس وتحسين كفاءة التتبع.
فوائد أنظمة التتبع الشمسي
- زيادة إنتاج الطاقة بنسبة تصل إلى 20-30% مقارنة بالأنظمة الثابتة بفضل قدرتها على تتبع حركة الشمس طوال اليوم، تتمكن أنظمة التتبع من التقاط كمية أكبر من الإشعاع الشمسي، مما يرفع من إنتاج الطاقة الإجمالي. وتساعد هذه الزيادة في تعويض التكلفة الإضافية للاستثمار في النظام، مما يجعلها مجدية اقتصاديًا على المدى الطويل.
- تقليل تكاليف الطاقة على المدى الطويل على الرغم من أن التكلفة الأولية لأنظمة التتبع أعلى من الأنظمة الثابتة، إلا أن ارتفاع إنتاج الطاقة يسهم في خفض تكلفة الكهرباء لكل كيلوواط ساعة. وهو ما يجعلها خيارًا اقتصاديًا جذابًا، خصوصًا في المشاريع الضخمة التي تتطلب عائدًا مرتفعًا على الاستثمار.
- تحسين كفاءة استخدام الأراضي، خصوصًا في المناطق ذات المساحات المحدودة
توفر أنظمة التتبع الشمسي قدرة أكبر على إنتاج الطاقة من نفس المساحة مقارنة بالأنظمة الثابتة، ما يجعلها مثالية للمناطق التي تعاني محدودية الأراضي أو ارتفاع تكلفتها. وبهذا تتيح تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المساحات المتاحة دون الحاجة إلى توسعات إضافية.
من خلال هذه المزايا مجتمعة، تُثبت أنظمة التتبع الشمسي دورها الأساسي في تعزيز كفاءة مشاريع الطاقة الشمسية ودعم جدواها الاقتصادية والبيئية.
التحديات التقنية لأنظمة التتبع الشمسي
التكلفة الأولية المرتفعة: إذ تشمل التكاليف الإضافية مكونات ميكانيكية معقدة ومحركات ومستشعرات ووحدات تحكم ذكية، وأعمال ميدانية أكثر تعقيداً من الأنظمة الثابتة مما يزيد من تكلفة التثبيت. ومع ذلك، فإن العائد على الاستثمار (ROI) يكون أعلى على المدى الطويل.
الحاجة إلى صيانة دورية: تُحتّم الحاجة إلى صيانة دورية على أنظمة التتبع الشمسي، نظرًا لاحتوائها على أجزاء متحركة. وتتطلب هذه الأنظمة صيانة مستمرة تشمل فحص المحركات، والتحقق من دقة المحاذاة، إلى جانب استبدال القطع التالفة. إذ تؤدي الأعطال الميكانيكية إلى انخفاض كفاءة النظام بشكل ملحوظ. وتُسهم هذه العوامل مجتمعة في زيادة تكاليف التشغيل.
التحديات في التضاريس الوعرة: مثل التلال والصخور حيث يصعب تركيب الهياكل المتحركة وضمان عملها بكفاءة. وغالباً ما تتطلب هذه المواقع تصميماً مخصصًا أو تهيئة هندسية وأعمال تسوية إضافية ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وزيادة التعقيد في التنفيذ.
ومع ذلك، وبرغم هذه التحديات، ظهرت حلول متقدمة مصممة خصيصًا للتعامل مع التضاريس الصعبة. ومن أبرز هذه الحلول نظام (NX Horizon-XTR) من شركة (نكستراكر)، الذي يوفّر مرونة عالية في التكيف مع الانحدارات والتضاريس غير المستوية، دون الحاجة إلى تسوية كاملة للأرض. يُسهم هذا الابتكار في تقليل التكاليف الإنشائية، وتسريع وتيرة التنفيذ، مع الحفاظ على كفاءة الأداء في أصعب البيئات.
مشروع الكهفة: قصة نجاح في التضاريس الصعبة
يُعدّ مشروع الكهفة أحد أبرز مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية، ورمزًا للتحوّل الطموح الذي تشهده البلاد في قطاع الطاقة. ويأتي هذا المشروع ضمن إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني إلى 50% بحلول عام 2030.
وتبلغ استطاعة المشروع 1.17 جيجاواط، ويقع في منطقة تتميز بإشعاع شمسي مرتفع، غير أنّ طبيعة التضاريس الوعرة شكّلت تحديًا كبيرًا أمام فرق العمل. إذ إن التلال الصخرية والمنحدرات الحادة كانت ستتطلب أعمال تسوية واسعة النطاق باستخدام المتفجرات والمعدات الثقيلة، ما كان سيؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإنشاء، وإطالة المدة الزمنية للمشروع، فضلًا عن الآثار البيئية السلبية.
وأمام هذه التحديات، لجأت فرق العمل إلى استخدام تقنيات متقدمة تهدف إلى خفض التكاليف وضمان كفاءة الأداء، مع الحفاظ على سلامة البيئة وتسريع وتيرة التنفيذ، ليواصل المشروع مسيرته بوصفه نموذجًا ناجحًا لمشاريع الطاقة المتجددة في المناطق ذات الظروف الجغرافية الصعبة.
الحل التقني: نظام NX Horizon-XTR من نكستراكر
للتغلب على تلك التحديات وقع الاختيار على نظام NX Horizon-XTR من نكستراكر وهو نظام تتبع شمسي متطور مصمم خصيصًا للتكيف مع التضاريس الوعرة كحل تقني مثالي لمشروع الكهفة. يتميز النظام بتركيبه المرن، الذي يسمح له بالعمل بكفاءة حتى في المناطق ذات الانحدارات الحادة والصخور.

تعتمد هذه التقنية على خوارزميات متقدمة تسمح للألواح الشمسية بالتتبع الدقيق لمسار الشمس في جميع الأوقات، مع قدرة فريدة على التكيف مع التغيرات في ارتفاع الأرض دون الحاجة إلى تسوية مكلفة.
كيف ساهم النظام في تقليل الحاجة إلى أعمال التسوية والحفر؟
بفضل تصميمه المتطور، قلل نظام NX Horizon-XTR من الحاجة إلى أعمال التسوية التقليدية والحفر بنسبة تصل إلى 50% مما أدى إلى خفض تكاليف الإنشاء وتقليص المدة الزمنية اللازمة لتنفيذ المشروع. كما ساعد على الحد من التأثير البيئي للمشروع من خلال تقليل حجم الأعمال الترابية والانبعاثات الكربونية.
نتائج استخدام هذا النظام
بفضل اعتماد نظام (NX Horizon-XTR)، تمكن القائمون على مشروع الكهفة من تسريع وتيرة العمل وإنجاز المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد، إلى جانب تحقيق مجموعة من الفوائد الاقتصادية والبيئية البارزة، والتي شملت:
- اقتصاديًا: أسهم النظام في خفض تكاليف التركيب والصيانة، ما جعل المشروع أكثر جدوى من الناحية المالية، من خلال تقليل الحاجة إلى أعمال تسوية مكلفة والحد من استخدام المعدات الثقيلة.
- بيئيًا: ساعد النظام في تقليل البصمة الكربونية للمشروع عبر تقليص حجم أعمال الحفر والتجريف المكثفة، وخفض استهلاك الوقود والانبعاثات المرتبطة بتشغيل الآليات الثقيلة.
- من حيث الكفاءة: رفع النظام من إنتاجية الألواح الشمسية بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالأنظمة الثابتة، ما أدى إلى تعزيز العائد على الاستثمار وضمان استفادة قصوى من موارد الطاقة الشمسية المتاحة.
وبذلك يُعد نظام (NX Horizon-XTR) نموذجًا فعّالًا للحلول التقنية القادرة على التكيف مع التضاريس الصعبة، مع تحقيق مزيج مثالي من الجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية.
الخلاصة
تُشكل أنظمة التتبع الشمسي ركيزةً أساسيةً في تعزيز كفاءة محطات الطاقة الشمسية، خاصةً في المناطق الصحراوية التي تزخر بالإشعاع الشمسي الوفير، إلا أنها تفرض في الوقت نفسه تحديات كبيرة بسبب ظروفها القاسية وتضاريسها الوعرة. وعلى الرغم من التحديات التقنية التي تواجه هذه الأنظمة، مثل التكلفة الأولية المرتفعة والحاجة إلى صيانة دورية، إلا أن فوائدها الكبيرة تجعلها خيارًا استراتيجيًا لمشاريع الطاقة الشمسية الطموحة.
فزيادة إنتاج الطاقة مقارنة بالأنظمة الثابتة، وتحسين عوائد الاستثمار على المدى الطويل، يجعلان أنظمة التتبع الشمسي حلاً مثاليًا لتعظيم الاستفادة من الموارد الشمسية، خاصة في المناطق الصحراوية التي تشكل فيها التضاريس الصعبة عقبةً إضافية.
وفي هذا الإطار، برزت شركة نكستراكر كرائدة في تطوير حلول مبتكرة تتكيف مع هذه التحديات، حيث قدمت نظام NX Horizon-XTR الذي أثبت فاعليته البارزة في مشروع الكهفة في السعودية. يتميز هذا النظام بقدرته الفريدة على التكيف مع التضاريس غير المستوية والانحدارات الحادة، مما يقلل من الحاجة إلى أعمال التسوية المكلفة ويخفض التكلفة الإجمالية للمشروع. بالإضافة إلى ذلك، ساهم النظام في زيادة كفاءة إنتاج الطاقة حتى في أصعب الظروف البيئية، مما يعكس التزام نكستراكر بتقديم حلول مستدامة وعالية الأداء.
ولا شك أن مثل هذه التقنيات المتقدمة تُسهم في تمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث تُصبح الطاقة الشمسية مصدرًا رئيسيًا للطاقة على مستوى العالم. وبفضل الابتكارات التي تقدمها شركات مثل نكستراكر، يمكننا التغلب على التحديات الهندسية والبيئية، وتحقيق أهداف الطاقة المتجددة بكفاءة وفاعلية غير مسبوقة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
The post كيف تُغير أنظمة التتبع الشمسي مستقبل الطاقة في الصحراء؟ appeared first on Solarabic سولارابيك. Written by Sponsored Article