قصة تصدير أول شحنة نفط من سلطنة عمان بأقل من 1.5 دولارًا للبرميل
لم تكن أول شحنة نفط من سلطنة عمان مجرد تصديرٍ اعتيادي، وإنما مثّلت نقطة تاريخية في رحلة مسقط نحو التحول إلى دولة فاعلة في خريطة الطاقة العالمية.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط العماني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أبحرت ناقلة النفط اليابانية “موس برنس”، في عام 1967، حاملةً على متنها أكثر من نصف مليون برميل، بسعر لم يتجاوز 1.42 دولارًا للبرميل الواحد، لتدخل سلطنة عُمان رسميًا عصر تصدير النفط.
وانطلقت هذه الرحلة بعد عقود من المحاولات المضنية والتنقيب الشاق في بيئة جغرافية صعبة وظروف تقنية وسياسية معقدة.
ورغم الإخفاقات الأولى التي واجهت البلاد، ظلت الجهود متواصلة حتى تحقق أول اكتشاف تجاري مهم للنفط؛ ما مهّد الطريق أمام تصدير أول شحنة نفط من سلطنة عمان.
وجاء هذا الحدث تتويجًا لمرحلة استكشافية طويلة بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي، وتخللتها انسحابات متكررة من الشركات الأجنبية التي اصطدمت بالتحديات المحلية، لكن الإرادة العُمانية استمرت في دفع عجلة البحث حتى تحققت النتيجة المرجوة.
ولم تكن رحلة أول شحنة نفط من سلطنة عمان ممكنة لولا سلسلة من المحطات المفصلية التي سبقتها، بدءًا من أولى عمليات المسح الجيولوجي في مطلع القرن العشرين، وصولًا إلى اعتماد أساليب أكثر تقدمًا مثل المسح الزلزالي في الستينيات، وهو ما أحدث الفارق.
بداية الطريق
تعود جذور القصة إلى محافظة ظفار، التي احتضنت في عام 1955 أقدم بئر نفطية في سلطنة عمان، وهي “دوكة-1”.
وجاءت هذه البئر نتيجة جهود استكشافية امتدت لعقود، بدأت فعليًا عام 1925 بقيادة الجيولوجي الأيرلندي جورج ليز، ضمن بعثة أطلقتها شركة “دي آر سي”، الفرع العماني لشركة النفط الأنغلو-فارسية (بي بي حاليًا).
ورغم أن أولى نتائج البعثة لم تكن مشجعة، لا سيما بعد انسحاب الشركة عام 1928 بسبب صعوبة التضاريس والتوترات السياسية، فإن الحلم النفطي لم يتوقف.
وفي عام 1937، وُقّع امتياز جديد مع شركة نفط العراق، لكنه لم يدم طويلًا، لتُحال الحقوق لاحقًا إلى شركة “تنمية نفط عمان وظفار”، التي -بدورها- واجهت صعوبات فنية وجيولوجية أدت إلى إلغاء الامتياز.

حفر الآبار الأولى
لم تكن بئر “دوكة-1” وحدها في المشهد، فقد أعقبتها محاولات أخرى منها “مرمول-1″، التي كشفت عن وجود مكمن نفطي واعد، إلّا أن التحديات التقنية حرمت سلطنة عمان من الاستفادة منه فورًا.
كذلك، حفرت شركة تنمية نفط عمان في عام 1956 بئر “فهود-1″، التي كانت اكتشافًا واعدًا، لكنها لم تحقق أهدافها بسبب بعض المشكلات الفنية.
وفي كل مرة كانت تظهر بوادر اكتشاف نفطي، كانت تتعثر الخطوات التالية بسبب نقص المعدات أو انسحاب الشركات المستثمرة؛ ما جعل رحلة السلطنة نحو الإنتاج التجاري طويلة ومليئة بالتحديات.

الانفراجة في بداية الستينيات
شهد عام 1962 نقطة تحوّل حقيقية، حين اعتمدت سلطنة عمان تقنيات جديدة، أبرزها المسح الزلزالي؛ ما مكّنها من تحقيق اختراق حاسم.
وبعد عمليات دقيقة، اكتُشف النفط في حقول جبال وفهود ونطيح، وهي الحقول التي أسّست البنية التحتية للصناعة النفطية في البلاد، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبحلول عام 1967، كانت الدولة الخليجية قد باتت جاهزة للانضمام إلى نادي الدول المصدرة للنفط، عندما أبحرت “موس برنس” من أحد موانيها حاملة أول شحنة نفط من سلطنة عمان نحو الأسواق العالمية.
سعر أول شحنة نفط من سلطنة عمان
انطلقت أول شحنة نفط من سلطنة عمان بسعر 1.42 دولارًا للبرميل، وهو رقم قد يبدو زهيدًا بمقاييس اليوم، لكنه شكّل آنذاك بداية الطفرة النفطية العمانية، التي ستستمر لعقود.
ولم تكن هذه الشحنة نقلة اقتصادية فقط، بل فتحت بابًا للاستثمارات الكبرى، وعزّزت مكانة سلطنة عمان ضمن أسواق الطاقة الإقليمية والعالمية.
كما أن هذه البداية لم تكن سوى فصلٍ أول في قصة تطورت لاحقًا لتشمل بناء مصافي تكرير، وتوسيع شبكة التوزيع، والاستثمار في التقنيات الحديثة، حتى أصبحت مسقط واحدة من اللاعبين المحوريين في سوق النفط بالمنطقة.
خلاصة الرحلة..
يُعد تاريخ أول شحنة نفط من سلطنة عمان مثالًا حيًا على المثابرة الوطنية في مواجهة الصعوبات الجغرافية والتقنية والسياسية.
فبعد محاولات استمرت أكثر من 4 عقود، نجحت سلطنة عمان في الدخول إلى الأسواق العالمية، لتبدأ فصلًا جديدًا في مسيرتها الاقتصادية، مستندة إلى إرث نفطي بُني بالصبر والعمل والدراسة.
واليوم، تواصل سلطنة عمان تطوير قطاعها النفطي، لكنها لا تنسى كيف بدأت الرحلة من بئرٍ واحدة، وصولًا إلى تصدير أول شحنة نفط من سلطنة عمان التي غيّرت مسار البلاد إلى الأبد.
موضوعات متعلقة..
-
صادرات سلطنة عمان من النفط تتراجع في الربع الأول.. وهذه أرقام الديزل والبنزين
-
إنتاج سلطنة عمان من النفط.. متى يتجاوز 800 ألف برميل يوميًا؟
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: ترمب لم يخفض أسعار النفط.. وهكذا طعن الصناعة في ظهرها
- إنتاج حقل غاز عربي يفوق التوقعات.. احتياطياته 15 تريليون قدم مكعبة
- مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر في السعودية يحظى بأولوية شركة عملاقة
المصادر:
- رحلة اكتشاف النفط في سلطنة عمان من منصة الطاقة المتخصصة.
- سعر البرميل في أول شحنة نفط من سلطنة عمان من حساب وزارة الطاقة والمعادن العمانية في منصة “إكس”.
إقرأ: قصة تصدير أول شحنة نفط من سلطنة عمان بأقل من 1.5 دولارًا للبرميل على منصة الطاقة