صادرات الطاقة الروسية تدر 253 مليار دولار.. دعم أوروبا خزائن موسكو يفوق أوكرانيا
رغم مرور 3 سنوات على حرب أوكرانيا (24 فبراير/شباط 2022)، والعقوبات الغربية لخنق اقتصاد موسكو، فإن الأرقام تكشف استمرار تدفّق صادرات الطاقة الروسية إلى الأسواق العالمية، وأن أوروبا لم تستطع بعدُ كسر اعتمادها على إمدادات روسيا.
في العام الثالث للغزو (فبراير/شباط 2024-فبراير/شباط 2025)، حققت روسيا إيرادات بلغت 242 مليار يورو (253 مليار دولار) من صادرات النفط والغاز والفحم، بانخفاض طفيف لا يتجاوز 3% مقارنة بالعام السابق، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتوزعت عائدات صادرات الطاقة الروسية بين 104 مليارات يورو (109 مليارات دولار) من النفط الخام، و75 مليارًا (78.5 مليار دولار) من المنتجات النفطية، و40 مليارًا من الغاز (42 مليار دولار)، و23 مليارًا (24 مليار دولار) من الفحم.
وبالنظر إلى الأرقام منذ بداية الحرب، فإن التأثير الفعلي للعقوبات لا يبدو بحجم التوقعات الغربية، إذ تراجعت الإيرادات الروسية بنسبة لا تتجاوز 8% مقارنة بالعام السابق للغزو.
وعلى مدار 3 سنوات من الصراع، حصدت موسكو 847 مليار يورو (887 مليار دولار) من صادرات الطاقة، مستفيدة من تحالفات جديدة مع الصين والهند وتركيا، ومن “أسطول الظل” الذي يتيح لها تصدير النفط بعيدًا عن رقابة العقوبات.
*(اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).
اتجاهات عائدات صادرات الطاقة الروسية
رغم العقوبات الغربية والقيود الاقتصادية، أظهرت صادرات الطاقة الروسية قدرتها على الصمود والتكيف بمرونة مع الأسوق العالمية.
ففي يناير/كانون الثاني (2025)، بلغ إجمالي الإيرادات من صادرات النفط والغاز والفحم 18.4 مليار يورو، أي أقل بنسبة 40% مما كانت عليه في الشهر السابق للغزو في 2022، حين وصلت إلى 30.7 مليار يورو، وفقًا للتقرير الصادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.
ومع أن الاتحاد الأوروبي كان يشكّل أكثر من نصف تلك العائدات قبل الحرب، فقد تراجعت مساهمته إلى 9% فقط بحلول 2025.
وفي العام الثاني من الحرب، انخفضت الإيرادات الروسية بنسبة 29%، رغم أن الصادرات لم تتراجع سوى 2%، بسبب تخفيضات الأسعار لجذب المشترين الجدد.
وبحلول العام الثالث، تقلّصت خسائر روسيا إلى 3% فقط مع انخفاض 5% في حجم الصادرات، ما يعكس تراجع تأثير العقوبات بمرور الوقت.
واردات الاتحاد الأوروبي من الطاقة الروسية مستقرة
رغم شعاراته بفك ارتباطه مع موسكو، ما تزال أوروبا تمثّل ربع عائدات الطاقة الروسية.
ففي العام الثالث من الغزو، بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من الطاقة الروسية 21.9 مليار يورو، مسجلة انخفاضًا طفيفًا بنسبة 6% على أساس سنوي من حيث القيمة، بينما لم تتراجع الكميات المستوردة سوى بنسبة 1%، بحسب البيانات التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وتكمن المفارقة في أن هذه الواردات تفوقت على حجم المساعدات المالية التي قدّمها الاتحاد لأوكرانيا خلال 2024، والتي بلغت 18.7 مليار يورو.
وتنوعت صادرات الطاقة الروسية إلى الاتحاد الأوروبي بين الغاز الطبيعي المنقول عبر الأنابيب بقيمة 9.6 مليار يورو، والغاز المسال بـ7 مليارات يورو، والنفط الخام المنقول عبر خطوط الأنابيب بقيمة 4 مليارات يورو.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تراجعت حصة الغاز الروسي من واردات أوروبا من 45% في 2021 إلى 18% في 2024، ما يمثّل تقدمًا ملموسًا لتعزيز استقلال الطاقة.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- صادرات روسيا من الغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا بداية من 2022 حتى يناير/كانون الثاني 2025:
كيف تحافظ روسيا على تدفُّق الأموال رغم العقوبات الغربية؟
بعد 3 سنوات من العقوبات الغربية، ما تزال روسيا قادرة على التحايل على القيود ومواصلة تصدير النفط إلى الأسواق العالمية.
وفي العام الثالث من الغزو، بدت العقوبات الغربية على النفط الروسي كأنها تفقد قبضتها، إذ تراجع تأثيرها في خام الأورال الروسي بنسبة 70% مقارنة بالعام السابق، ولم تنخفض الإيرادات سوى 6%، لتصل إلى 2.6 مليار يورو فقط، مقارنةً بـ10 مليارات يورو في السنة الثانية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويعود ذلك إلى تزايد اعتماد روسيا على “ناقلات الظل”، التي مكّنتها من تصدير النفط إلى أسواق جديدة، وتجاوز سقف الأسعار المفروض عليها؛ إذ نقلت 558 ناقلة ظل نحو 167 مليون طن من النفط الروسي، ما يعادل 61% من إجمالي صادراتها النفطية المنقولة بحرًا، بقيمة 83 مليار يورو.
كما أن صادرات الطاقة الروسية لم تعد مرهونة بالسوق الأوروبية، بل وجدت منفذًا واسعًا في العديد من الأسواق الجديدة:
- تصدرت الصين قائمة المشترين، بإجمالي 78 مليار يورو.
- تلتها الهند بـ49 مليار يورو.
- وتركيا بـ34 مليار يورو.
وشكّلت هذه الدول الـ3 وحدها 74% من إجمالي عائدات صادرات الطاقة الروسية، والأكثر لفتًا للانتباه أن الصادرات إلى الهند وتركيا شهدت زيادة سنوية بنسبة 8% و6% على التوالي، رغم العقوبات الغربية المشددة.
بالإضافة إلى ذلك، سمحت ثغرة لبعض الدول غير الخاضعة للعقوبات، مثل الهند وتركيا، بالاستمرار في استيراد النفط الروسي وتكريره في مصافيها، ثم إعادة تصديره إلى دول مجموعة السبع وشركائها.
ووفقًا للبيانات، اشترت بعض دول مجموعة السبع منتجات نفطية من 6 مصافٍ في الهند وتركيا بقيمة 18 مليار يورو، نصف هذه القيمة تقريبًا، أي 9 مليارات يورو، مصدرها الخام الروسي.
ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- صادرات روسيا من النفط والمشتقات بداية من عام 2022 حتى يناير/كانون الثاني 2025:
كيف يمكن تقليل إيرادات صادرات الطاقة الروسية؟
أكد تقرير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف أهمية تبنّي سياسات أكثر صرامة لمنع روسيا من استغلال صادرات الطاقة في تمويل عملياتها العسكرية.
وأشار إلى أن فرض عقوبات صارمة تستهدف طرق التحايل الروسية وتوجّه ضربات مباشرة لمصادر الدخل المتنامية يمكن أن يخفض عائدات صادرات الطاقة الروسية بمقدار 51 مليار يورو سنويًا، ما يمثّل انخفاضًا بنسبة 20% في أرباح موسكو.
وفي هذا السياق، أصبح تخلُّص الاعتماد الأوروبي على مصادر الطاقة الروسية ضرورة، و لتحقيق ذلك، ينبغي لأوروبا أن تكثّف استثماراتها في كفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة، سواء داخل حدودها أو على المستوى الدولي.
الخلاصة:
على الرغم من العقوبات الأوروبية المتزايدة، ما تزال صادرات الطاقة الروسية تدرّ عائدات ضخمة، مستفيدةً من أسواق جديدة وأساليب التحايل، ورغم انخفاض الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية، فإن أوروبا تمثّل مصدرًا مهمًا للإيرادات الروسية، ولذلك، فإنّ تبنّي سياسات أكثر صرامة وإغلاق الثغرات المتاحة أمام روسيا سيظل ضروريًا لتقليص قدرتها على تمويل الحرب الأوكرانية.
موضوعات متعلقة..
- خريطة صادرات الطاقة الروسية منذ العقوبات.. و7 دول عربية تواصل الاستيراد (تقرير)
- صادرات الطاقة الروسية تنتعش.. ماذا استوردت الدول العربية في أسبوع؟
- قائمة صادرات الطاقة الروسية تشهد ظهورًا نادرًا لمصر.. ماذا استوردت؟
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الكويت من الغاز في 2024 يرتفع لمستوى قياسي
- هل تصمد توربينات الرياح البرية أمام تحديات التقادم؟.. 4 مسارات أمام القطاع
- مصير مشروعات الغاز المسال في المكسيك معلق بـ3 تحديات (تحليل)
المصدر:
إقرأ: صادرات الطاقة الروسية تدر 253 مليار دولار.. دعم أوروبا خزائن موسكو يفوق أوكرانيا على منصة الطاقة