سوق الكوبالت العالمية تواجه عجزًا في المعروض.. وصناعات حيوية تحبس أنفاسها
تواجه سوق الكوبالت العالمية مستقبلًا ضبابيًا في ضوء توقعات بنمو الطلب بوتيرة أسرع من المعروض، وفق تقرير حديث حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه.
وتؤدّي تلك التطورات الحاصلة في سوق هذا المعدن الإستراتيجي إلى تقليص الفائض المتحقق في عام 2024، خلال السنوات المقبلة، والتحول نحو العجز بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.
وفي المدى القصير، يتوقف مستقبل سوق الكوبالت على ما ستقرره جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي أكبر مُنتِج للمعدن في العالم، في أعقاب انتهاء الحظر الذي تفرضه على صادراتها من الكوبالت، والبالغة مدته 4 أشهر.
وتجاوزت أسعار الكوبالت 50% منذ أن أوقفت جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تُنتِج 3 أرباع الإنتاج العالمي، الصادرات في 22 فبراير/شباط الماضي.
وحذّرت شركة بنشمارك منيرال إنتليجنس (Benchmark Mineral Intelligence) المتخصصة في تحليلات المعادن، من أن تمديد الحظر أو فرض حصص صارمة من قِبل كينشاسا قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بصورة أكبر، في تقرير أعدته لصالح معهد الكوبالت (Cobalt Institute).
أساس التوقعات
تأتي التوقعات بشأن تجاوز الطلب على الكوبالت المعروض من هذا المعدن الإستراتيجي، مدفوعةً بالاستعمال المتنامي للكوبالت في بطاريات السيارات الكهربائية والتطبيقات الصناعية المختلفة، وفق أحدث تقرير صادر عن معهد الكوبالت، وهي رابطة تجارية تضم منتجي الكوبالت ومستعمليه وتجاره.
وفي عام 2024 تجاوز الطلب على الكوبالت 200 ألف طن للمرة الأولى؛ ما يمثّل زيادةً نسبتها 14% على أساس سنوي، كما أنها تمثّل النمو السنوي الأقوى منذ عام 2021.
ولامس فائض سوق الكوبالت 36 ألف طن في عام 2024؛ أو ما يعادل 15% من الطلب، صعودًا من 25 ألف طن في عام 2023.
وفرضت جمهورية الكونغو الديمقراطية -التي لامست حصتها 73% من إنتاج الكوبالت العالمي في عام 2022- مؤخرًا حظرًا على صادرات المعدن لمدة 4 أشهر، مستهدفةً حينها مواجهة الفائض ودعم أسعار المعدن عالميًا.
ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار الكوبالت بنسبة 60%، لتصل إلى 16 دولارًا أميركيًا للرطل، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

مستقبل الكوبالت بأيدي من؟
يرتبط مستقبل سوق الكوبالت ارتباطًا وثيقًا حاليًا بالخطوة التالية التي ستتخذها جمهورية الكونغو الديمقراطية في أعقاب انتهاء الحظر الحالي، بحسب تقرير صادر عن وكالة رويترز.
إلى جانب ذلك، من المتوقع أن يتضاءل الفائض في الكوبالت الذي أبقى الأسعار عند مستويات منخفضة، خلال الأعوام المقبلة نتيجة الطلب المتنامي.
ومن المتوقع نمو الطلب على الكوبالت، باستبعاد المخزون الحكومي، بمعدل سنوي مركب 7%، ليصل إلى 400 ألف طن بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، مدعومًا أساسًا بالتوسع في سوق السيارات الكهربائية.
وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تمثّل السيارات الكهربائية 57% من الطلب على الكوبالت، صعودًا من 43% في عام 2024، في الوقت الذي تتباطأ فيه نمو التطبيقات الأخرى مثل الهواتف وأجهزة الحواسيب المحمولة والسبائك الفائقة.
استثمارات قصيرة الأجل
وفق تقرير معهد الكوبالت، يسلط العجز المتوقع في الطلب على الكوبالت الضوء على الحاجة إلى الاستثمارات الفورية في المدى القصير، بهدف تلبية متطلبات السوق في المستقبل.
وأضاف التقرير: “تأمين الوصول إلى المعادن الحيوية الرئيسة يمثّل أولويةً على الأجندة العالمية، ويُعدّ الكوبالت جزءًا من الحلول لضمان النمو الصناعي، والأمن القومي، والاقتصاد منخفض الكربون”.
وتابع التقرير: “هناك حاجة ماسة إلى بناء سلاسل قيمة مسؤولة وموثوقة في صناعة الكوبالت العالمية من أجل تأمين إمدادات المعدن”.
وعلى الرغم من عدم اليقين الذي يغلّف سياسات التصدير في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يُتوقع أن تنمو إمدادات الكوبالت العالمية بمعدل سنوي مركب نسبته 5% خلال السنوات المقبلة.

هيمنة الكونغو تتراجع
يُتوقع أن تتراجع هيمنة جمهورية الكونغو الديمقراطية في سوق الكوبالت العالمية من 76% إلى 65% بحلول عام 2030، في حين يُتوقع زيادة حصة إندونيسيا في تلك السوق من 12% إلى 22%.
ولامست أنشطة التعدين الحرفي للكوبالت في الكونغو أدنى مستوياتها على الإطلاق؛ لتمثل أقل من 2% من السوق في عام 2024، ولا يُتوقع أن تستعيد حصتها السوقية السابقة، نتيجة المدة المطولة لانخفاض الأسعار، وزيادة أنشطة التعدين الصناعي، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقالت المديرة العامة لمعهد الكوبالت، دينا ماكليود: “في حين يرتبط التعدين الحرفي ارتباطًا وثيقًا بالفقر والفساد، إلا أنه يُعدّ بالنسبة إلى الكثيرين فرصة العمل الوحيدة المجدية في المنطقة”.
وأضافت ماكليود: “التحدي لا يكمن في القضاء على هذا النوع من التعدين، وإنما في جعله عادلًا وآمنًا وخاليًا من قضايا حقوق الإنسان”.
الكونغو قد تمدّد الحظر
ربما تفرض الكونغو قيودًا جديدةً على صادراتها من الكوبالت عند انتهاء القيود الحالية؛ ما يمكن أن يرفع الأسعار ويدفع مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية إلى البحث عن مواد بديلة، وفق ما صرح به رئيس هيئة تنظيم ومراقبة أسواق المواد المعدنية الإستراتيجية باتريك لوبيا.
وقال لوبيا إن بلاده ستفرض قيودًا إضافيةً على صادراتها من الكوبالت بسبب المخزونات العالمية في البلاد ومناطق أخرى، في تصريحات أدلى بها خلال وقائع مؤتمر في سنغافورة، تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن المخزونات التي أدت إلى هبوط الأسعار “لم تُستنفَد بَعْد على الرغم من انخفاضها بصورة كبيرة”، مشيرًا إلى أن القرار المقبل للهيئة الحكومية “سيعني حتمًا فرض قيود صارمة على الصادرات كليًا أو جزئيًا حتى يتحقق توازن في السوق بشأن العرض والطلب على الكوبالت”.
موضوعات متعلقة..
- صراع الكوبالت في العالم يشتعل.. هل تحسمه تشيلي مع الـ3 الكبار؟
- تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية في الصين يخفض أسعار الليثيوم والكوبالت
- إنتاج الكوبالت في إندونيسيا قد يستحوذ على 19% من السوق العالمية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- حوادث انقطاعات الكهرباء.. 10 كوارث عالمية أغرقت دولًا في الظلام (مقاطع فيديو)
- الغاز المغربي يشهد تطورات جديدة بعد تخارج شركة يونانية
- مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا قد تتجاوز 20 مليون وحدة في 2025
المصادر:
1.سوق الكوبالت العالمية مهددة بعجز في المعروض من تقرير نشره موقع “ماينينغ تكنولوجي”.
2.الكونغو قد تمدد حظر صادراتها من الكوبالت.
3.مستقبل سوق الكوبالت مرهون بقرار الكونغو بعد انتهاء حظر الصادرات.
إقرأ: سوق الكوبالت العالمية تواجه عجزًا في المعروض.. وصناعات حيوية تحبس أنفاسها على منصة الطاقة